نص كارل بوبر: معيار القابلية للتكذيب – النظرية العلمية

إن النظريات غير قابلة للتحقق التجريبي أبدا… وقد أقبل بالتأكيد أن نسقا لن يكون اختباريا أو علميا إلا إذا كان قابلا لأن يخضع لاختبارات تجريبية . وتوحي هذه الاعتبارات بضرورة اتخاذ قابلية تزييف نسق ما معيارا للتمييز عوض قابلية التحقق.

يجب أن يكون كل نسق، ينتمي إلى مجال العلم التجريبي، قابلا لأن يدحض بواسطة التجربة.. وينبني اقتراحي على اللاتناظر القائم بين قابلية التحقق وقابلية التزييف. الذي يترتب عن الصورة المنطقية للقضايا الكلية، وهي قضايا لا يمكن استنتاجها من القضايا الجزئية ويمكن أن تكون متناقضة معها. وتترتب عن ذلك إمكانية استنتاج كذب القضايا الكلية من صدق القضايا الجزئية بواسطة استنتاجات ذات طابع استنباطي محض..

يمكننا دائما إيجاد بعض الوسائل للانفلات من التزييف وذلك بالاتفاق على إدخال فرضية إضافية أو تعديل تعريف مثلا. بل ومن الممكن -دون المس بالتماسك المنطقي- رفض الاعتراف بكل تجربة مزيفة، ومن دون شك فإن العلماء لا يعملون عادة بهذه الكيفية إن كانت ممكنة منطقيا. ويمكن القول إن أقل ما يترتب عن هذا الأمر هو التشكيك في القيمة المنطقية لمعياري دون أن يذهب بي إلى حد التخلي عن فكرتي القاضية باتخاذ قابلية التزييف كمعيار للتمييز.

بالفعل سأقترح تمييز المنهج الاختباري باعتباره منهجا يقصي الاختباري باعتباره منهجا يقصي بالضبط هذه الوسائل للانفلات من التزييف رغم كونها من ناحية أخرى مقبولة منطقيا، كما يؤكد ذلك بحث خصمي الخيالي. إن ما يميز الطريقة الاختبارية في التصور الذي أقترحه هو الكيفية التي تعرض بها الأنساق التي نريد التحقق منها للتزييف. إن هدفها ليس هو الحفاظ على أنساق لا يمكن دعمها، بل بالعكس إن هدفها هو اختيار النسق الأصلح بالمقارنة مع أنساق أخرى.