ملخص مفهوم الواجب – مجزوءة الأخلاق
مادة الفلسفة / مجزوءة الأخلاق / مفهوم الواجب
مستوى الثانية بكالوريا
المفهوم الأول: مفهوم الواجب
-
تقديم المفهوم
مما لا شك فيه ولا جدال حوله، أن مسائل الأخلاق كانت ولاتزال من أبرز وأهم القضايا التي تهتم بها الفلسفة، ذلك أن البحث فيها ما هو إلا بحث في الإنسان ككائن أخلاقي، و في المعايير والقيم التي توجه السلوك الإنساني نحو فعل الخير والفضيلة وما يرتبط بهما من قيم. ومن بين أهم القضايا التي تندرج ضمن هذا المبحث الفلسفي الذي هو مبحث الأخلاق نجد قضية الواجب، وذلك لأن الأخلاق ليست إلا مجموعة من الواجبات التي يتعين على الإنسان الالتزام حتى تتحقق فيه صفة “الأخلاقية”. ومن بين ما الإشكالات التي أثارت النقاش الفلسفي حول قضية الواجب نجد: إشكال الواجب والإكراه، إشكال الوعي الأخلاقي، إشكال الواجب والمجتمع.
المحور الأول: الواجب والإكراه
-
الإشكالات المحورية:
هل الواجب فع حر أم أن قبوله لا يتم سوى تحت الإكراه؟ بمعنى آخر هل الواجب إلزام نُلزم أم أنه التزام نلتزم به؟ وهل ما يحدد الواجب هو العقل وما يرتبط به من إرادة حرة ومستقلة، أم هو المجتمع الذي يحيل إلى التصورات والأحكام والعادات؟
-
موقف إيمانويل كانط: الواجب إكراه حر
يؤسس إيمانويل كانط الواجب الأخلاقي على العقل، أو بصيغة أدق العقل العملي الأخلاقي، و الذي هو مبدا الفضيلة ومصدر الواجب الأخلاقي. وعلى الواجب أن يفعل لذته، أي أن نقوم بالواجب من اجل القيام به، وليس من أجل مصلحة أو لذة أو منفعة أو لتحقيق السعادة. من هنا يكون الواجب عند كانط عبارة عن أوامر قطعية صادرة عن العقل العملي ويكون أيضا غير خاضع لغايات نفعية.
-
موقف إميل دوركايم: الواجب إلزام
يرى إميل دوركايم دوركايم أن الواجب إلزام وقهر، والذي لزم الفرد به ليس هو العقل وإنما المجتمع. كما أن الفرد لا يقوم بالواجب من منطلق الواجب الأخلاقي المطلق، وإنما يقوم به وفق منطق اللذة والمرغوبية، فهما ما يجعلنا نسلك وفق القاعدة الأخلاقية المطلوبة بنوع من الإغراء والرضا. وبالتالي فليس هناك واجب يقوم به الإنسان لذاته، ويقوم به فقط لأنه واجب، وإنما يقوم به لأن هناك ما يشجع على القيام به.
-
موقف جون ماري غويو: الواجب ليس إكراها أو إلزاما
يرى جون ماري غويو أن الواجب هو قدرة طبيعية يملكها كل فرد وتجعله يميل إلى الفعل الأخلاقي دون إكراه أو إلزام. يقول غويو: “الواجب قد ظنوه إلى الآن شعورا بضرورة أو ضغط، وما هو في حقيقة الأمر إلى الشعور بالقدرة… وكل قدرة تنتج وحدها نوعا من الواجب متناسبا معها، إن القدرة على العمل هي واجب العمل”.
المحور الثاني: الوعي الأخلاقي
-
الإشكالات المحورية
ما هو أصل وأساس الوعي الأخلاقي؟ هل يجد الوعي الأخلاقي أصله في الطبيعة الإنسانية أم في المجتمع ؟ هل يوجد الوعي الأخلاقي وجودا قبليا سابقا على التجربة، أم أنه وعي مكتسب ولاحق بالتجربة؟
-
موقف جان جاك روسو: الطبيعة الخيرة أصل الوعي الأخلاقي
يرى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، أن الطبيعة الإنسانية الخيرة هي أصل وأساس الوعي الأخلاقي الذي يوجه سلوك الإنسان نحو فعل الخير، ويسمح له بإصدار أحكام سواء على أفعاله أو أفعال الغير ويصفها إما بالخيرة أو الشريرة. ومعنى هذا القول أن الوعي الأخلاقي يجد مبدأه الأساسي فيما هو فطري وغريزي، وفيما هو داخلي. كل ذلك يوضحه قول جان جاك روسو التالي: “يوجد في أعماق النفوس البشري مبدأ فطري للعدالة والفضيلة”.
-
موقف إيمانويل كانط: الوعي الأخلاقي مرتبط بالعقل الأخلاقي
يرى إيمانويل كانط أن الوعي الأخلاقي للإنسان مرتبط بالعقل العملي الأخلاقي الذي يدفع الفرد إلى السلوك وفقط منطق الخير والفضيلة.
-
موقف إيميل دوركايم: المجتمع أصل الوعي الأخلاقي
يقول إيميل دوركايم: فضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع ولا يعبر إلا عنه، وإذا تكلم ضميرنا فإنما يردد صوت المجتمع فينا”،
المحور الثالث: الواجب والمجتمع
-
الإشكالات المحورية
كيف تتحدد العلاقية بين الواجب والمجتمع؟ وهل يرتبط الواجب الأخلاقي بالضمير الفردي أم بالضمير الجمعي؟ وهل الواجب الأخلاقي واجب كوني أم مجرد واجب نسبي؟
-
موقف إميل دوركايم:
يقول إميل دوركايم “فضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع ولا يعبر إلا عنه، وإذا تكلم ضميرنا فإنما يردد صوت المجتمع فينا”، وهكذا فهو يرى أن المجتمع هو مصدر ومحدد الوعي الأخلاقي، الذي يوجه السلوك الإنساني داخل المجتمع، كما أن الوعي الأخلاقي لا يرتبط بالذات الفردية فقط ، وإنما بجميع الأفراد، فالوعي الأخلاقي ليس وعي الفرد وإنما وعي المجتمع، وذلك ما يطلق عليه دوركايم “الوعي الجمعي”.
-
موقف هنري برغسون
انتقد الأخلاق المنغلقة، أي الأخلاق التي لا تنفتح على المجتمعات الأخرى. لذلك يدعو برغسون إلى ما يسميه بالأخلاق المنفتحة، أي الأخلاق المنفتحة على الإنسانية جمعاء، وذلك من خلال الانعتاق من تلك السلطة الأخلاقية المتعالية، وتكريس الواجب الأخلاقي الكوني بدلا منها، الذي يتعدى ويتجاوز الأخلاق المنغلقة التي يكرسها المجتمع، لأن هذا الأخير يرسخ أخلاقا تتماشى والأفراد المكونين للمجتمع الواحد، والأخلاق الكونية تنفتح على الشمولي وعلى الإنسان ككل بصرف النظر عن الانتماءات المجتمعية.