لما الخوف من الفلسفة ؟ بوشعيب بن ايجا

بوشعيب بن ايجا

عموما هو خوف من التفكير ، هذه الخاصية التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الاخرى  بالإضافة إلى الإنسان المشدود إلى أهوائه ، و هذا الخوف غالبا ما يرتبط بذلك الخمول الفكري الذي يجعل الفرد مندمجا في الواقع و لا يحاول إفراغ ذهنه من المعرفة الزائفة و الأفكار المسبقة و الآراء الجاهزة و الخطابات التأملية فمع الضغوطات النفسية التي يعرفها التلميذ هناك أيضا مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى الخوف من الفلسفة بدعوى أن النقطة الأعلى لا يحصل عليها إلا من كان فيلسوفا .

إن الرؤية الاعتبارية للخوف من الفلسفة مرتبط بالتمثلات الإجتماعية التي يقتنع الأفراد بمصداقيتها وصلاحيتها فتترسخ لديهم شعوريا و لاشعوريا ، على اعتبار أنها تشكل عائق أمام الكثيرين ، حيث يتم ترويج أفكار غير حقيقية حول مادة الفلسفة بكونها بعيدة عن الواقع و كلام فارغ مما يجعل التلميذ منها متجها إليها بالعداء التام ، و هذا ما يستدعي تظافر الجهود من أجل العمل على حل هذه المعضلة التي أصبحت تشكل عائق ليس فقط عائق ديداكتيكي ، بل أيضا عائق إبستيمولوجي و بيداغوجي، و الأكثر من ذلك نجد أن النقطة التي يحصل عليها التلميذ و التي غالبا لا تكون إيجابية و بالتالي تؤثر سلبا على المعدل العام للتلميذ مما يدفعه إلى وضع حاجز نفسي بينه و بين المادة و عدم حضور الحصص الدراسية لها ، أو التشويش على السير العادي للدرس و يصاحب هذا التصرف تغير في السلوك سواء تجاه المدرس كمسؤول عن العقد الديداكتيكي و البيداغوجي أو تجاه التلاميذ كونهم يمثلون منطقة التطور الأقرب ( فيغوتسكي ) و يتميزون بالفوارق الفردية ، بالإضافة إلى هذا فإن الخوف من الفلسفة سببه الخوف من الكتابة المنظمة التي تتطلب منهجية في الكتابة يتدرب عليها التلميذ إبتداء من الجذع المشترك عن طريق الإستئناس بالمفاهيم الفلسفية   و العمليات الفكرية الضرورية في كل تفكير فلسفي ، إلى السنة الأولى باكالوريا من خلال التمرن على تحليل النصوص الفلسفية و مناقشتها عبر كتابة منظمة بالموازاة مع بناء و معالجة مفاهيم مرتبطة به ، و في السنة الثانية باكالوريا بالإضافة إلى تحليل النصوص و مناقشتها يجب الإشتغال على السؤال و القولة المرفقة بسؤال ، و الأكثر من ذلك فإن الفلسفة كمادة في الامتحان تتطلب الكفاية اللغوية من أجل تبليغ الأفكار و المعارف و المواقف ، فالتلميذ الذي لا يكتب بلغة عربية سليمة يستعصي عليه معالجة موضوع فلسفي أو غير فلسفي ، ذلك أن الفكر الفلسفي على مستوى الكتابة يحتاج إلى الدقة في التعبير و التحليل و التفسير ناهيك عن اعتماد المقاربة المفاهيمية و التساؤلية التي تجعل التلميذ يتفاعل مع الفلاسفة و النصوص الفلسفية على اختلاف مواقفهم و توجهاتهم .

إن تعدد الكتب المدرسية يخلق هاجسا لدى التلميذ بحيث يعتقد أنه سوف يمتحن في مواقف بعينها ، أو يتخوف من كون المصحح لا يراعي هذه التعددية علما أن التلميذ في الواقع يمتحن في قدرته على معالجة الموضوع الذي اختاره فلسفيا في منأى عن مضامين فلسفية بعينها ، فما يراعى بالدرجة الأولى هو قدرة التلميذ على فهم متطلبات الموضوع و قدرته على التحليل و المناقشة من خلال بذل مجهود فكري شخصي مستقل و ذاتي يدل على قدرة الفرد على التحليل و التفسير و المعالجة و التركيب .

فطريقة بناء الدرس تختلف من أستاذ إلى آخر ، و هذا راجع بالأساس إلى المنهجية المتبعة و التجارب الشخصية و المعرفية لكل مدرس ، و بالتالي لا بد من تظافر مجموعة من الجهود من أجل العمل على التفاعل مع الفلسفة و الفكر الفلسفي، و من خلاله سوف يحاول التلميذ تذوق الفلسفة بكل أبعادها المختلفة ، و هذا ما يدعو إلى إنشاء فلسفة قاصرة للطفل و البحث في سيكولوجية الطفولة التي تعتبر أن الطفل فيلسوف صغير بامتياز ، و بالتالي يجوز لنا الحديث عن تعميم التفلسف لكل الفئات العمرية حتى الطفولة.

بوشعيب بن ايجا، طالب بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط تخصص الفلسفة و كاتب في مجال الفلسفة و التربية

 

 

إغلاق