تحليل نص كارل ياسبرز أدوات فعل التفلسف
المجزوءة | مجزوءة الفلسفة |
المحور الثالث | منطق الفلسفة |
نص الإشتغال | نص كارل ياسبرز أدوات فعل التفلسف |
تحليل على نص كارل ياسبرز
-
تعريف كارل ياسبرز
كارل ياسبرز فيلسوف معاصر، وطبيب نفساني ألماني عاش بين سنتي 1883 و1969. يعتبر واحدا من ممثلي التيار الوجودي. من أعماله: “مدخل إلى الفلسفة“.
- موضوع النص:
يعالج النص موضوع الأصل والينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف، أي الدوافع التي تدفع الفيلسوف إلى التفلسف.
- المفاهيم الأساسية للنص:
- الأصل: حسب النص، فهو لا يعني الأصل الزماني أو المكاني، بل يعني الينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف.
- الدهشة: في معناها العام تعني الدهشة ما يعتري الإنسان من حيرة وارتباك وذهول جراء حدوث أمر غير متوقع ومفاجئ. لكن الدهشة الفلسفة تختلف عن الدهشة في معناها العام، فهي تعني الدهشة التي لا تكتفي بمساءلة ما هو غير واضح وغير مألوف، بل تساءل أيضا ما هو بديهي ومألوف.
- الشك: يعني وضع المعارف موضع تساؤل، ويميز النص بين نوعين من الشك، النوع الأول هو الشك الذي ينساق وراء شهوة الإنكار، أو ما يعرف بالشك المذهبي الذي يكون غاية في ذاته. والنوع الثاني فهو الذي يعني الفحص النقدي للمعرفة لغاية التحقق من صدقها ويقينها، وهو الشك المعروف بالشك المنهجي، الذي تكون غايته بلوغ اليقين.
- الحقيقة: تعني الحقيقة في اللغة اليقين والصدق والصواب وتأتي نقيضا للكذب والوهم والزور والزيف والخطأ، وتعني في دلالتها الفلسفية الكلاسيكية الاتساق والتطابق بين الفكر وذاته أو بين الفكر والواقع أو بينهما معا.
- التأمل: يعني التأمل استغراق الفكر في موضوع تفكيره.
-
سؤال النص:
ما هو الأصل والينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف؟ وما هي الدوافع التي تدفع الفيلسوف إلى التفلسف؟ هل ينبثق فعل التفلسف من الدهشة أم من الشك أم من التساؤل عن الذات أم من كل ذلك؟
- الفكرة العامة للنص:
في حديثه عن أصل وينبوع التفلسف، يؤكد كارل ياسبرز أن هذا الأصل وهذا الينبوع الذي ينبثق منه الدافع إلى التفلسف، يتجلى في الدهشة والشك والتساؤل عن الذات. إضافة إلى ذلك، يؤكد أنه بفضل هذه العوامل تغدو الفلسفة المعاصرة أمرا جوهريا، وبفضلها نستطيع معرفة فلسفة الماضي.
-
تحليل النص مضمونيا وحجاجيا:
ينطلق النص من التأكيد على أن الأصل هو الينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف، وأن هذا الأصل هو أساس الفلسفة المعاصرة، كما أنه يمَكننا من فهم فلسفة الماضي.
يحدد كارل ياسبرز جوانب هذا الأصل وهذا الينبوع في: الدهشة ثم الشك في المعرفة ثم التساؤل عن الذات، وينتقل لشرح وتفسير كيف يؤدي كل عامل من هذه العوامل إلى التفلسف، وهذا يبين كيف أن نص كارل ياسبرز نص استنباطي، فقد انتقل مما هو عام إلى ما هو خاص.
بخصوص الدهشة، فقد أكد أنها تقودنا إلى دراسة العالم قاطبة وإلى المعرفة، فالدهشة تنتهي بسؤال، والسؤال يدفعنا إلى البحث والمعرفة. ولتبيان أهمية الدهشة، اعتمد ياسبرز آلية (حجة) الاستشهاد، وهي الحجة التي تسمى بحجة السلطة المعرفية، حيث استشهد بقول أفلاطون “أن أصل الفلسفة هو الدهشة” كما استشهد بقول أرسطو “الدهشة هي التي دفعت الإنسان إلى التفلسف”.
أما بخصوص الشك، فقد أقر ياسبرز أن أنه يأتي بعد أن تكون المعارف قد اجتمعت، حيث يعمل الشك على فحصها فحصا نقديا. وفي هذا السياق، اعتمد ياسبرز آلية التمييز، حيث ميز بين الشك الذي ينساق وراء شهوة الإنكار، أي الشك الذي تكون غايته الشك فقط، وبين الشك المنهجي، الذي يعني الفحص النقدي للمعرفة.
أما الذي يجعل الشك أمرا جوهريا، ودافعا من دوافع التفلسف، فهو كون الإنسان يبني مجموعة من المعارف، سواء عبر الحواس أو عبر العقل، لكن تلك المعارف لا تكون يقينية بالضرورة، لأن الحواس تخدعنا، كما أن صور تفكيرنا تمتزج في متناقضات لا حل لها، وهذا ما يدعو إلى الشك فيها. لذلك يخلص ياسبرز إلى أنه ليس ثمة فلسفة حقيقة دون أن يكون هنالك شك في الأصل.
وفيما يتعلق بالتساؤل عن الذات، فهو يعني السؤال والتأمل في المسائل المرتبطة بالذات الإنسانية، مثل مسألة الموت والمصير ومسألة السعادة. وينتهي ياسبرز إلى أن التأمل في هذه الأمور التي تسم وجود الإنسان، يشكل أعمق أصل للفلسفة.
-
خلاصة تركيبية
يتضح من خلال ما سبق، وبعد تحليل نص كارل ياسبرز، أن الأصل والينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف، هو أصل وينبوع متعدد الجوانب، وتتجلى هذه الجوانب في: الدهشة التي تدفع إلى الإنسان إلى التساؤل وتقوده إلى المعرفة. ثم الشك بما هو فحص نقدي للمعارف والحقائق، وبما هو أساس وطريق لليقين البين. ثم التساؤل عن الذات والتأمل فيها وفي شروطها ومحدداتها الوجودية، والذي يكون نتيجة للاضطراب وللشعور الذي تولده فكرة الموت.
وتكمن أهمية هذه الدوافع في كونها تدفع الفيلسوف إلى التفلسف، وأيضا لكونها تمكننا من فهم تاريخ الفلسفة، وتحديد أصل التفلسف والينبوع الذي ينبثق منه على الدوام.