المناقشة في السؤال الإشكالي المفتوح وإشكال أهمية الأطروحة – ذ. محمد المغراوي
“ينبغي أن يذهب التلاميذ إلى المدرسة، لا ليتعلموا الأفكار هناك، ولكن ليتعلموا التفكير والسلوك” كانط
المناقشة في السؤال الإشكالي المفتوح وإشكال أهمية الأطروحة
محمد المغراوي – أستاذ مادة الفلسفة
لا شك أن الدرس الفلسفي يولي أهمية بالغة للمناقشة، وذلك تماشيا مع روح التفكير الفلسفي. إن جوهر التفكير الفلسفي ليس هو الإعتقاد، والقبول الساذج، وإنما جوهره السؤال والتساؤل والمساءلة، النقد والحكم، لذلك تحضر المناقشة الفلسفية كأحد الكفايات الأساسية التي يروم الدرس الفلسفي تربية المتعلمين عليها. غير أن المناقشة الفلسفية تتخذ عدة أوجه –وإن كانت في جوهرها واحدة- فمناقشة النص الفلسفي ليست هي مناقشة القولة الفلسفية، ومناقشة القولة الفلسفية ليست هي مناقشة السؤال الفلسفي. وذلك ما نود توضحيه في هذه الأسطر وبخاصة مناقشة السؤال الفلسفي أو ما نصطلح عليه بالسؤال الإشكالي المفتوح.
تأتي هذه الورقة كمحاول لكشف بعض اللبوس، ولم لا لإثارة تساؤلات حول مناقشة السؤال الفلسفي. فقد لوحظ اختلاف مدرسي الفلسفي بخصوص مناقشة السؤال الفلسفي، وخاصة فيما يتعلق بأهمية الأطروحة؛ إذ ذهب فريق إلى القول بأن المتعلم ليس مطالبا ببيان أهمية الأطروحة لحظة المناقشة الخاصة بالسؤال الفلسفي، بينما ذهب فريق آخر إلى عكس ذلك، مؤكدا أن تقييم الأطروحة يخص المناقشة بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالسؤال أو القولة أو النص.
وللخروج من هذا المأزق، سنحاول أن نقف عند منهجية الاشتغال على السؤال الإشكالي المفتوح عامة ونقف عند لحظة المناقشة بشكل خاص. وغايتنا أن يستفيد المتعلم أولا، وأن لا يكون ضحية التصحيح فترة الامتحان الوطني الموحد. وثانيا أن نؤكد ما ذهب إليه الفريق الأول : المتعلم ليس مطالبا بتحديد أهمية الأطروحة حين يتعلق الأمر بالاشتغال على السؤال الإشكالي المفتوح.
منهجية تحليل سؤال فلسفي إشكالي مفتوح وفق المذكرة الإطار
لحظة الفهم:
العناصر
إدراك مجال السؤال وموضوعه
إبراز عناصر المفارقة أو التقابل
صياغة الإشكال وأسئلته الأساسية الموجهة للتحليل والمناقشة
لحظة التحليل:
العناصر
تحليل عناصر الإشكال وأسئلته الأساسية.
توظيف المعرفة الملائمة لمعالجة الإشكال:
استحضار مفاهيم مرتبط بالإشكال والاشتغال عليها
البناء الحجاجي للمضامين الفلسفية
لحظة المناقشة :
العناصر
مناقشة الاطروحة أو الأطروحات التي يفترضها السؤال.
طرح إمكانات أخرى للتفكير في الإشكال
مرحلة التركيب
العناصر
استخلاص نتائج التحليل والمناقشة
إمكان تقديم رأي شخصي مدعم
الملاحظ إذن أن منهجية السؤال الفلسفي الإشكالي المفتوح وفق المذكرة الإطار تختلف بشكل واضح عن منهجية الاشتغال على النص الفلسفي ومنهجية الاشتغال على القولة المرفقة بمطلب أو سؤال. وبما أن موضوع هذه الورقة هو المناقشة، فلنحدد إذن العناصر الأساسية للمناقشة.
الملاحظ أن مطلب المناقشة لا يتضمن –على عكس القولة والنص- مطلب تحديد أهمية وحدود الأطروحة، وإنما يتضمن مطلبين أساسيين هما:
- أولا مناقشة الأطروحة أو الأطروحات التي يفترضها السؤال،
- ثانيا: طرح إمكانات أخرى للتفكير في الإشكال.
وإذا كان المطلب الثاني واضحا شيئا ما، أن يقضي بضرورة فتح الإشكال على أبواب أخرى لم نثرها لا في لحظة التحليل ولا في بداية لحظة المناقشة. لكن المطلب الأول غير واضح بذاته، ولذلك خلق نقاشا بين المدرسين، ولحل الغموض الذي يعتريه يمكن أن نورد الملاحظات التالي:
أولا: نجد في منهجية الإشتغال الخاصة بالقولة والنص الفلسفيين مطلبا واضحا وصريحا، وهو “إبراز قيمة الأطروحة وحدودها”. وهو المطلب الغائب في منهجية الإشتغال على السؤال الفلسفي الإشكالي المفتوح.
وهذه منهجية الإشتغال على النص الفلسفي ومنهجية الإشتغال على القولة الفلسفية
- منهجة النص
- منهجية القولة
ثانيا: لكي نقوم بإبراز قيمة الأطروحة، يجب أن تكون الأطروحة محددة أولا، وليس أن نقوم بتحديد أهمية أطروحة قمنا بطرحها نحن، بتعبير آخر لا يعقل أن نقيم أنفسنا، من خلال تقييم أطروحتنا.
ثالثا: يبقى الموضوع موضوع التحليل والمناقشة هو السؤال، والسؤال لا يتضمن معرفة، وإنما يطلبها.
رابعا: وهي الحجة الاساس من وجهة نظرنا، إذا عدنا إلى معايير تصحيح الإمتحان الوطني، والذي يكون أرضية وأساس تقويم إنجاز المتعلم، سنجد أن المتعلم ليس مطالبا بتحديد أهمية الأطروحة على خلال النص والقولة، وإذا نجد مثلا في عناصر الإجابة وسلم التنقيط الخاصة بالإمتحان الوطني الموحدة شعبة الآداب والعلوم الإنسانية مسلك الآداب الدورة الإستدراكية 2018 مايلي
لكن بخصوص مناقشة القولة نجد ما يلي
أما بخصوص مناقشة النص الفلسفي فنجد:
ومنه يتبين لنا أن المناقشة الفلسفية لا تقتضي منا أن نحدد أهمية الأطروحة، وهنا تكمن خصوصية مناقشة السؤال الفلسفي، بل أن نقوم بمساءلة المنطلقات والنتائج، أي المنطلقات التي انطلقنا منها لحظة التحليل حتى نجيب عن السؤال الفلسفي، والنتائج التي توصلنا إليها. ثم أن نقوم بفتح إمكانات أخرى للتفكير. ويمكن أن نقدم مثلا للعناصر الممكنة لمناقشة سؤال الفلسفي.
إذا افترضنا أننا في التحليل توصلنا وفق منطلقات معينة إلى نتيجة وهي أن معرفة الغير ممكنة. ففي المناقشة يجب أن نسائل ما انطلقنا منه. إذا انطلقنا من إمكانية التواصل في التحليل، فيمكن أن نقف عن وجود حدود للتواصل، وإذا انطلقنا من العالم البراني كبوابة لمعرفة الغير، فيمكن أن نقف عند إمكانية قطع الصلة بين العالم البراني والعالم الجواني، لنصل في الأخير إلى نتيجة، أو نتائج، مخالفة لما توصلنا إليه في التحليل. وبعد ذلك يمكن أن نفتح الإشكال على أبواب أخرى، كأن نناقش معرفة الغير على مستوى العالم الافتراضي، أو أن نناقش تدخل العلاقة مع الغير في تحديد إمكانية معرفته.