نشأة وتطور علم النفس النمو

هذا المقال بعنوان نشأة وتطور علم النفس، يعود للدكتور  أحمد معد: وقد نشر ضمن الدروس المقدمة من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة.  وننشره بموقعنا فيلوكلوب نادي الفلسفة للفائدة.

نشأة وتطور علم النفس النمو

نشير في هذا الصدد إلى أن تطور علم النفس النمو كأحد ميادين علم النفس مرتبط بتطور علم النفس، وكما أشرنا سلفا فقد مر علم النفس قبل أن يكون علما من مراحل فكرية تميزت بالخيال والفكر قبل مرحلة العلم. لقد قدم أفلاطون في حديثه عن الإنسان مجموعة مبادئ حول النمو السليم عبر الاهتمام بتربية النفس العاقلة لصالح المجتمع، وهو الامر نفسه، بل أكثر وزيادة عند المسلمين الذين اهتموا بالطفل منذ نشأته -الطفل يولد على الفطرة- كما دعوا إلى المصاحبة والتربية الحسنة، واهتموا بالنفس أكثر من أي وقت مضى لاسيما مع ابن سينا والغزالي. ونشير في هذا الصدد إلى مسألة النمو تعبر عنها الثقافة العربية في اللغة؛ حيث نجد لدى العرب أسماء عن كل مرحلة بالتدقيق، فعندهم الجنين ثم الوليد ثم الفطيم ثم الدارج ثم الخماسي ثم المثغور ثم المثغر ثم المترعرع الناشئ ثم البالغ ثم الراشد…

وفي عصر الانوار نجد كتاب “الإميل” الذي تحدث فيه روسو عن نمو الطفل وكيف يجب التعامل معه أكبر دليل على أهمية الاهتمام بجانب النمو لدى الفرد في بعده الطبيعي والاجتماعي (الانسان خير بطبعة)، وآخرون كثر تحدثوا عن كيفية تربية الطفل لنمو سليم أمثال: بستالوزي وفروبل وغيرهما. وقد تطورت الأبحاث في هذا الصدد إلى ما يمكن وصفه بالبداية الفعلية لعلم النفس مع التأسيس التجريبي للعلم. وهكذا نجد أن مواضيع هذا العلم انتقلت من مرحلة الأفكار البدائية الاولى إلى مرحلة الفلسفة القديمة؛ فقد كان علم النفس في العصور القديمة معنيا بدراسة النفس أو الروح ومعرفة أصلها ومصيرها. ثم مرحلة التطور والاهتمام بالنفس عند المسلمين، بعد زمن التقعيد العلمي فيما نسميه بمرحلة العلم الحديث، حيث تطور الفكر والتجريب، وذلك بعد تأسيس أول مختبر لعلم النفس علم 1879 م على يد وليام فونت (هو طبيب ألماني وعالم نفسي)، وهنا انتقلنا إلى الدراسة المخبرية للجوانب النفسية

هكذا كانت البداية الرسمية إذن من دراسة موضوع الشعور في مقابل العقل كمفهوم فلسفي، كان ذلك مع فونت وتلامذته إلى وظيفته وليم جيمس إلى اللاشعور مع فرويد إلى السلوك مع واطسون أو الغرض منه مع ماجدوجال والنمو المعرفي مع بياجي… إلخ. قبل أن نصل إلى ما يمكن تسميته اليوم بالثورة المعرفية والعصبية في علم النفس في العصر الحالي.

إشكالية التصنيف في علم النفس:

بشكل عام نجد اتجاهين:

الاتجاه الاول/ جعل علم النفس من علوم الطبيعة:

نقل تجربة العلوم الطبيعية: سر تقدمها في طبيعة موضوعها: البحث المادي/ دراسة الوقائع النفسية مثل الظواهر الطبيعية/ عدم الاهتمام بالشعور ألن مادته ال يمكن التحكم فيها/ دراسة السلوك (المذهب السلوكي) / الاهتمام بالناحية الخارجية والمادية من السلوك التي يمكن ملاحظتها وقياسها واخضاعها للتجريب

الاتجاه الثاني/ جعل علم النفس من علوم الانسان:

دراسة أعضاء الانسان تخلف عن دراسة سلوكه/ وظائف الجسم تخضع لنظام ثابت مثل بقية ظواهر الكون تخضع لمبدأ الحتمية أما سلوك الانسان فهو غير ثابت ويختلف من فرد لآخر بل ويختلف بالنسبة للفرد الواحد من وقت لآخر/الاهتمام بالنواحي غير الظاهرة للشخصية وخاصة اللاشعور.

اتجاهات في علم النفس:

بشكل يحترم تاريخ علم النفس يمكن الحديث عن أربعة اتجاهات في علم النفس:

✓ الاتجاه الشعوري ومنهجه الاستبطان

✓ الاتجاه السلوكي يعتمد على المناهج الموضوعية

✓ اتجاه التحليل النفسي يقوم على المناهج الاكلينيكية /السريري؟

✓ الاتجاه المعرفي العصبي ويعتمد أيضا على المناهج الموضوعية

علم نفس النمو أو سيكولوجية النمو (محاولة فهم):

تحيل دلالة المفهوم إلى مجموعة من المفاهيم التي تستعمل لأجل نفس الدلالة، وهي: علم النفس النمو؛ سيكولوجية النمو؛ علم النفس النمائي؛ علم النفس الارتقائي؛ علم نفس دورة الحياة… وما يجمع هذا المفهوم هو طبيعة موضوع البحث والمتمثل في دراسة مراحل النمو المختلفة في حياة الفرد من المرحلة الجنينية إلى مرحلة الشيخوخة ، وهي دراسة علمية لجوانب النمو العقلية والجسمية والاجتماعية والانفعالية والحركية.

وإذا عدنا للدكتور أحمد عزت راجح في كتابه أصول علم النفس سنجده يعرف علم النفس النمو كما يلي: ” يدرس مراحل النمو المختلفة التي يجتازها الفرد في حياته، والخصائص السيكولوجية لكل مرحلة، والمبادئ العامة التي تصف مسيرة هذا النمو والارتقاء. ومن فروعه: علم نفس مرحلة الرضاعة، وسيكولوجية الطفل، وسيكولوجية المراهقة، وسيكولوجية مرحلة الرشد، وسيكولوجية الشيخوخة” (أحمد عزت راجح: 1999).

انطلاقا من هذا التعريف، يمكن اعتبار علم النفس النمو ميدانا تخصصيا (أحد فروع علم النفس)، يدرس مراحل النمو المختلفة التي يمر منها الفرد في حياته، ويدرس الخصائص السيكولوجية لكل مرحلة، كما يدرس المبادئ العامة التي تصف سيرورة النمو والتغير.

ومن فروعه نجد:

  1. سيكولوجية الطفل
  2. سيكولوجية المراهقة
  3. سيكولوجية الشيخوخة
  4. …إلخ.

أهمية دراسة علم النفس النمو، أو (لماذا دراسة علم النفس النمو):

من البديهي أن هناك غايات سامية للعلم بوجه عام، وعلم النفس النمو بوجه خاص نظرا لخصوصية موضوعه، ونظرا لحساسية موضوع النمو للطفل منذ البداية على مستوى البناء والتغير والتوجيه والارشاد. ولما كان الامر كذلك فإنه نشير في هذا الاطار في مجموعة من النقط تلخيصا لبعض الافكار التي تبرز أهمية دراسة علم النفس النمو كما يلي:

  1. إن الاهتمام بالطفل هو اهتمام بمستقبل أمة كواجب لمواجهة حتمية التطور الانساني؛ (واجب دولة أو أمة للاستمرار)؛
  2. تمكننا دراسة علم النفس النمو من معرفة آليات التنشئة والمعاملة الجيدة مع الفرد (ابن، أخ، أخت، صديق)؛
  3. تساعدنا دراسة علم النفس النمو في فهم العوامل المؤثرة في التفاعلات التربوية في المدرسة حسب كل مرحلة (تلميذ طفل، تلميذ مراهق)؛
  4. تساعدنا دراسة علم النفس النمو في فهم مبادئه وقوانينه للتنبؤ به أو التحكم فيه؛ (ابن، مفحوص)
  5. إن دراسة علم النمو مفيدة للصحة النفسية والجسمية للفرد في مختلف مراحل عمره من الطفولة إلى الشيخوخة؛ (في حالة السواء، حالة الشذوذ)، حتى يتم التدخل من أجل تقويم الاعوجاج، أو عالج الاضطراب (سوي غير سوي).

و كتنظيم منهجي للجواب على سؤال: لماذا دراسة علم النفس النمو، يمكن الاشارة هنا إلى ثلاثة أهداف كبيرة تبرز أهمية دراسة النمو وهي:

الاهداف العلمية: معرفة محددات (قوانين/مبادئ) النمو الوراثية والمكتسبة على مستوى القدرات والنمو؛

الاهداف التربوية: معرفة الخصائص النفسية والتربوية للمتعلم على مستوى الفروق الفردية مثال؛

الاهداف العلاجية: معرفة الجوانب الشاذة في كل مرحلة من النمو لعلاجها: (صعوبات التعلم: التأخر في الكلام..).

أهداف علم نفس النمو:

نشير في هذا السياق إلى أن: علم النفس -شأنه في ذلك شأن غيره من العلوم- يتفق معها في الاهداف الاساسية للعلم. عندما يتناول ظواهره بالدراسة والبحث. وهذه الاهداف هي:

  1. الفهم والتفسير،
  2. الضبط والتحكم،
  3. التنبؤ.”(د. فرج طه: 2000 ).

وإذا كان علم النفس النمو فرعا من فروع علم النفس يدرس النمو النفسي لدى الفرد، فإن أهدافه ستكون أهداف علم النفس أو العلم بوجه عام وهي:

  1. فهم النمو وتفسيره
  2. الضبط والتحكم في النمو
  3. التنبؤ بما قد يحدث في النمو

مناهج البحث في علم النفس النمو أو (ماهي الطرق العلمية لدراسة النمو النفسي؟):

لتحقيق علم النفس النمو لابد من الاعتماد على طرق علمية لبناء نظريات تفسر النمو بطريقة علمية، وفي هذا الاطار نشير إلى وجود عدة طرق علمية في الاصل طرق البحث في علم النفس؛ يمكن اختصارها كما يلي:

أولا: الطريقة التجريبية:

تعتبر طريقة موضوعية تحكمها خطوات تجريبية محددة، تبدأ من الملاحظة العلمية وتنتهي إلى قانون علمي يفسر الظاهرة المدروسة. وتتحدد الدراسة من خلال البحث عن العلاقة بين عاملين أو متغيرين (مستقل وتابع)، مع ضبط المتغيرات (ضبط أو تطويع العوامل المتحكمة في الظاهرة المدروسة). وكمثال على ذلك: دراسة علاقة مشاهدة أفلام الرعب على نمو المخاوف لدى الاطفال؛ يتمثل المتغير المستقل في العامل المسبب وهو: مشاهدة أفلام الرعب، ويتمثل المتغير التابع في نتيجة المتغير المستقل وهي: حدوث مخاوف لدى الطفل.

إن المنهج التجريبي مجال الطريقة التجريبية يقوم على عدة خطوات: “أولها تحديد مشكلة البحث وصياغة الفروض المناسبة للمشكلة، ثم تحديد المتغير المستقل، والمتغير التابع ثم كيفية قياس التتابع، وتحديد الشروط الضرورية للضبط. والتحكم والوسائل المتبعة في اجراء التجربة” (د. أبراش: 2008 ).

ولتوضيح المثال السابق (مثال دراسة علاقة مشاهدة أفلام الرعب على نمو المخاوف لدى الاطفال)، فإنه حسب الطريقة التجريبية، ننبه إلى ضرورة تقسيم عينة الدراسة إلى مجموعتين: تجريبية/ضابطة. نخضع الاولى للمتغير المستقل دون الثانية، وبعد نهاية التجربة نقوم باختبار لمعرفة الفرق بين المجموعتين أو مظاهر النمو، وأي فرق يظهر نعزوه إلى المتغير المستقل. ولا نستطيع النجاح في مهمة التجريب دون توفر الحد الأدنى من الشروط كما يلي:

يجب أن تكون المجموعتين متشابهتين في بداية التجربة (لا مجال للمقارنة مع وجود الفارق)؛

يجب ضبط المتغيرات: المستقل، التابع، الوسيط، الدخيل؛

وهناك أمثلة عديدة عن النمو اللغوي أو الانفعالي حسب الظروف التجريبية …؛

في الاخير نفسر التجربة ثم نخرج بمبادئ أو قوانين لفهم وتفسير النمو ومن ثم إمكانية التنبؤ والتحكم فيه؛

تنبيه: على الباحث توخي الدقة والموضوعية في تحليل البيانات/ هناك صعوبات تقنية (ضبط المتغيرات) وأخلاقية على هذه الطريقة (تعريض الطفل لمتغيرات قد يسيء لحالته النفسية).

وهكذا “يقوم المنهج التجريبي على قاعدة (إن الامور المتماثلة تحدث في الظروف المتماثلة). فهو محاولة من الباحث التحكم في جميع المتغيرات، والعوامل الاساسية المكونة أو المؤثرة في الظاهرة باستثناء متغير واحد يقوم الباحث بتطويعه أو تغييره بهدف تحديد وقياس تأثيره في العملية. وهذا يعني أن التجريب ممكن فقط حين يكون بالإمكان ضبط المتغيرات” (د. أبراش: 2008).

ثانيا: الطريقة الوصفية في دراسة النمو:

في المنهج الوصفي نجد “أن الباحث يقوم بالحصول على معلومات دقيقة، تصور الواقع الاجتماعي وتسهم في تحليل ظواهره، وتجري عملية البحث الوصفي أو مناهج البحث الوصفي حسب التسلسل التالي:

الخطوة الاولى: تحديد الظاهرة أو الظواهر المراد دراستها؛

الخطوة الثانية: اكتشاف الطريقة الملائمة للقياس الكمي لمختلف عناصر ومكونات وحدة الدراسة- أي التكميم أو استعمال أسلوب الرياضيات؛

الخطوة الثالثة: فحص العوامل المختلفة المؤثرة في تنظيم الظاهرة المدروسة، وفي وظائفها. ومن أهم مناهج البحث الوصفي، منهج المسح، ومنهج دراسة الحالة”(د. أبراش: 2008 ).

ويمكن التنبيه على هذه الطريقة باختصار شديد وفق المبادئ الاتية:

تتأسس على الملاحظة العلمية لوصف سلوك الفرد وردود أفعاله، ومن أصناف الملاحظة نجد:

الملاحظة العفوية ( تكون بالصدفة)؛

الملاحظة المسلحة بشبكة (منظمة ومعدة مسبقا) ؛

الملاحظة بالمشاركة (لتفادي المقاومة النفسية أو المراوغة من قبل المبحوث)؛

وننبه في هذا المقام إلى مسألة أساسية؛ وهي أن الملاحظة العلمية نعتبرها كتجاوز للملاحظة العفوية أو التلقائية، كما أنها تتجاوز ما يمكن تسميته بالملاحظة الفلسفية (التأمل أو النظر العقلي. أما إجراء التجارب فإن الامر هنا يتعلق ببعدين منهجيين للبحث في علم النفس: بعد تجريبي خاص مرتبط بإجراء تجربة معينة حول ظاهرة معينة، وبعد تجريبي عام مرتبط بكون التجربة مرحلة من بين خطوات أخرى في المنهج التجريبي.

وقد تكون الملاحظة طولية (ملاحظة سلوك طفل لمدة طويلة) أو مستعرضة (ملاحظة مجموعة من الاطفال في سن واحد أو آن واحد).

ثالثا: الطريقة الاكلينيكية في دراسة النمو :

تدخل هذه الطريقة بوجه عام ضمن الدراسة الاكلينيكية، و”الدراسة الاكلينيكية تتميز بالطرق التي تدرس الفرد ككل فريد في نوعه، أي أنها دراسة الفرد كوحدة متكاملة متميزة عن غيرها. وقد يدخل ملاحظة أساليب سلوكية معينة واستخلاص سمات شخصية خاصة، ولكن الهدف هو فهم شخصية فرد معين بالذات وتقديم المساعدة إليه. والاختبارات المعملية التي تستخدم في علم النفس لهذا الغرض تسمى اختبارات اكلينيكية” (المليجي2001). وكتعريف لهذا المنهج فهو يقدم سجال تفصيليا عن شخص واحد، يعتمد على دراسة الحالة الفردية مثله مثل دراسة الحالة في المنهج الوصفي ولكن هناك بعض الاختلافات بينهما. ففي المنهج الوصفي يتم التعامل مع الحالة دون تدخل بل يتم الربط بين الوقائع التي تم رصدها بينما في الاكلينيكية يفترض التدخل والعالج. ويعتبر سيجموند فرويد أحد أهم مؤسسيه في تناول الظاهرة النفسية بوصفها تجلي الشعوري لدى الفرد.

إن لهذه الطريقة شروطها التقنية واللوجستية. ونشير هنا إلى أن العيادات النفسية الحديثة تضم غرف خاصة مجهزة بأثاث ودمى ترمز للوالدين والاخوة ودمى خاصة بالحيوانات ، حيث يترك الطفل يلعب على حريته في حضور الاخصائي النفسي لتوجيه بعض الاسئلة أو الملاحظة المباشرة أو بالمشاركة أو عن بعد . وهذه الطريقة تتيح للطفل التعبير عن انفعالاته ودوافعه اللاشعورية والتنفيس/ التطهير أيضا (فهناك هامش الشخيص والعالج أيضا). وكمثال على ذلك فقد لوحظ في كثير من الحالات أن الطفل الذي يحمل عداء أو الكراهية ألبيه، يأخذ الدمية التي تمثل الاب فيفصل رقبتها عن جسدها ثم يحاول دفنها وإخفائها وهذا تعبير صريح عن القلق التدميري والدوافع اللاشعورية.

فالطريقة الاكلينيكية إذن هي طريقة عيادية وسريرية تدرس النمو النفسي في بعده الباثولوجي (المرضي)، وتبين حدود السواء أو الشذوذ لدى المفحوص.

رابعا: الطريقة الطولية في دراسات علم النفس النمو:

 

من أهم الطرق في دراسة النمو لدى الفرد، فهي تمكننا من ملاحظة مختلف أنواع التغير التي تحدث للطفل شهر بعد شهر أو سنة بعد أخرى. لهذا تتميز بإمكانية قياس النمو الحقيقي للفرد، كما تتميز ب إمكانية تتبع الباحث مظاهر وتجليات النمو النفسي على طول فترة زمنية أو مرحلة. وهذا يمكن من معرفة الظروف والاسباب المؤثرة في النمو لدى الفرد. لكن هناك من يرى بأن هذه تحتاج إلى وقت زمني طويل (سنوات) وجهد ومتابعة فهي صعب ة(مكلفة)، بالرغم من أن لها نتائج مهمة ألنها ت صف التغيرات الحاصلة لدى فرد واحد أو أفراد بعينهم بشكل دقيق.

خامسا: الطريقة المستعرضة في دراسة النمو:

يتلخص مضمون هذه النظرية في أنها: “تقوم هذه الطريقة على دراسة الخواص النفسية لمجموعة أو مجموعات من الاطفال الذين يمثلون عمرا زمنيا واحدا مثل أطفال من السادسة أو السابعة كأن تختار مجموعة من الاطفال تتكون من عشرة أطفال في أعمار مختلفة هي سنتان وأربعة سنوات وست سنوات وعشر سنوات، ثم تقارن بينهم في الظاهرة التي تعمل على دراستها لديهم، كالسلوك الاجتماعي مثال، أو التوافق النفسي أو التنميط الجنسي” (عباس محمود عوض: 1).

يتبين من خلال هذا التحديد بأن هذه الطريقة تسمح لنا بتكوين صورة دقيقة عن التغيرات الممكنة في النمو لدى الفرد دون الحاجة إلى الانتظار مدة سنوات كما هو الشأن مع الطريقة الطولية.

ملحوظة: توجد مجموعة من الطرق والادوات المنهجية الاخرى في دراسة النمو لا يسمح المجال بالغوص فيها.

العوامل المؤثرة في النمو:

يمكن الحديث عن نوعين من العوامل؛ عوامل وراثية وأخرى بيئية كما يلي:

بالنسبة للعوامل الوراثية فهي تفيد كل العوامل المؤثرة في النمو والتي تنتقل وراثيا إلى الفرد عبر انتقال سمات محددة في الاصل/العرق (الوالدين أو الاجداد)، ويكون ذلك عن طريق الجينات. فالفرد يرث عن والديه أو أجداده سمات أو صفات معينة من حيث الشكل (لون الشعر مثال، أو لون البشرة)، وربما حتى من حيث الجوانب النفسية (الانفعالات، الشجاعة). وهكذا “تعتبر الوراثة عاملا هاما يؤثر في النمو من حيث صفاته ومظاهره، نوعه ومداه، زيادته ونقصانه، نضجه وقصوره…وتنتقل الوراثة إلى الفرد من والديه وأجداده وسلالته… وتنتقل الخصائص الوراثية للفرد من والديه عن طريق المورثات (الجينات)  genesالتي تحملها الصبغيات (الكروموزومات)  chromosomesالتي تحتويها البويضة الانثوية المخصبة من الحيوان الذكري بعد عملية الجماع الجنسي”(زهران: 1986)

أما بالنسبة للعوامل البيئة فيمكن التمييز بين مرحلتين؛ مرحلة قبل الوالدة ومرحلة بعد الولادة. فهناك عوامل متعددة غير وراثية تساهم بشكل مباشر وغيره في التأثير على مسار النمو لدى الجنين حين يكون في بطن أمه، ومن هذه المتغيرات المؤثرة نجد على سبيل الذكر: الوضع الصحي للأم ، تأثير الادوية، النظام الغذائي المتبع، التفاعلات النفسية للأم وما يحيط بها…وأما بالنسبة للمتغيرات التي يفترض تأثيرها في النمو في مرحلة ما بعد الانجاب، فنذكر منها: طبيعة الرضاعة(طبيعية أو صناعية)، نوع التغذية التي تتناولها الامر في حالة الرضاعة الطبيعية، ونوع الحليب الذي يتناوله الوليد في حالة الرضاعة الصناعية، ثم بعد ذلك تأتي أنشطة الفرد في الاسرة والمدرسة إلى تأثير باقي المؤسسات الاجتماعية ، حتى بلوغ التعلم والنضج، كعاملين وغايتين للنمو في آن واحد.

وللإشارة فقد تحدث الكثير من الباحثين في مجال النمو والتربية عن أهمية العوامل البيئية ودورها في التأثير على النمو لدى الفرد، فعالم النفس بياجي مثال يشير من خلال كتاباته إلى ضرورة التفاعل مع البيئة من أجل حدوث تغير معرفي (أي نمو معرفي)، ” ونظرية بياجيه تشير إلى أن الاطفال الذين ينشؤون في عزلة من الاستثارة الخارجية. قد يكون لديهم معدلات نمو معرفية منخفضة ب صورة ذات دلالة “(الأشول: 2008).

خصائص/قوانين عامة للنمو

✓ النمو عملية مستمرة ؛

✓ النمو عملية معقدة ومتفردة؛

✓ اختلاف معدلات النمو؛

✓ اختلاف سرعة معدلات النمو ؛

✓ تغيرات في سيرورة النمو ؛

اضطرابات النمو/اضطرابات التطور العصبي/آليات التدخل:

طبيعتها: هي حالات عصبية يمكن أن تؤثر في تعلم واكتساب الفرد ومنها: اضطراب قلة الانتباه وفرط النشاط/ اضطرابات طيف التوحد/ إعاقات التعلم، مثل عسر القراءة Dyslexia / الاعاقة في المجالات التعليمية الاخرى/ الاعاقة الذهنية…

مساهمة الابحاث حول علم الاعصاب وعلم النفس العصبي في حلحلة بعض الاضطرابات.

آليات التدخل :تكون التدخلات العلاجية طبية أو نورو -سيكولوجية/ برامج مقترحة من الاخصائي النفسي أو الاخصائي في الجهاز العصبي.

أهم جوانب النمو لدى المراهق نموذجا: أزمة / فرصة: لإثبات الذات

1 .اهمية المراهقة: مفهوم/مرحلة: عملية نمو ونضج وتغير مستمر في جوانب الشخصية؛

2 .فترة المراهقة: هناك اختالف بين الباحثين (ألسباب متعددة مرتبطة بما هو بيولوجي وثقافي) في تعيين زمن بدايتها ونهايتها، لكن نقول هنا بأنها تمتد من 12 إلى 21 سنة أو أكثر بقليل، وتقسم إلى ثالثة أقسام في الغالب: مبكرة، متوسطة، متأخرة؛

3 .أشكال المراهقة: متعددة وأهمها نجد مراهقة: سوية، انسحابية، عدوانية، منحرفة.

4 .أهم جوانب النمو لدى المراهق نموذجا (محاولة فهم)

النمو الجسمي والحركي: النمو الهيكلي ـ نمو الطول والوزن، المهارات الحركية (القوة/إثبات الذات)؛

النمو الجنسي: نمو الجهاز التناسلي/ القدرة على القيام بوظيفته (الرجولة والانوثة/إثبات الذات)؛

النمو الأخلاقي: نمو السلوكيات الأخلاقية/ مبادئ الاخلاق (حسنة أو سيئة/إثباتالذات)؛

النمو الانفعالي: نمو الانفعالات المختلفة وتطور ظهورها (التحكم أو عدم التحكم/إثبات الذات)؛

النمو الاجتماعي: نمو التوافق الاجتماعي في الوسط (البناء أو الصراع/إثبات الذات)؛

النمو العقلي: نمو الوظائف العقلية/ العمليات العقلية (التفكير المنطقي أو الحماقات/إثبات الذات).

نظريات النمو النفسي (على سبيل الاشارة والذكر وليس الحصر):

تعددت نظريات النمو النفسي بتعدد مدارس علم النفس وميادين اختصاصه، أو باختلاف زوايا تناول الظاهرة النفسية حسب كل خلفية نفسية على حدة. ولأن طبيعة الظاهرة تحتمل تفسيرات متعددة ومختلفة، فهذا ما يبرر بروز عدة نظريات في علم النفس بوجه عام، وعلم النفس النمو على وجه الخصوص، أبرزها نظريات: النمو الجنسي (فرويد)، والنمو النفسي الاجتماعي (اريكسون)، والنمو المعرفي (بياجي)، والنمو السوسيومعرفي (فيغوتسكي)، والنمو الأخلاقي (كولبيرج)، والنمو الحركي (جيزل)… ولاعتبار منهجي

فإنه لا يمكن الحديث عن كل هذه النظريات مجتمعة وبتفصيل، فهذا يترك للطالب كي يبحث ويعمق دراسته بالعودة إلى المراجع المقترحة، لذلك سوف نشير إلى بعض تلك النظريات بإيجاز شديد كما يلي:

نظرية النمو النفسي الجنسي مع سجموند فرويد (1856—1939):

يرى فرويد أن هناك أهمية كبرى للجنس في تحديد ماهية النمو الشخصية لدى الفرد، فقد جاء في كتابه” مختصر التحليل النفسي” حسب ترجمة طرابشي عام (1986) وبالضبط في الفصل الثالث الذي عنونه بتطور الوظيفة الجنسية، قول فرويد: “إن الحياة الجنسية لا تبدأ في عهد البلوغ، بل تعلن عن نفسها في زمن مبكر جدا عقب الولادة” كما يقول أيضا: ” من الضروري التمييز بدقة بين مفهوم الجنسي ومفهوم التناسلي، فلفظة الجنسي لها معنى أوسع بكثير، وهي تطال وجوها عدة من النشاط”.

إن النمو النفسي الجنسي كما يوضح فرويد في هذا الفصل وما يتبين من خلال محاضراته الأخرى، يمر بمراحل متعددة حسب مكان اللذة في جسمه، و إذا حصل قمع أو عدم اشباع، يحصل الكبت، وعبر سيرورة هذه المراحل تتشكل العقد النفسية، و الحرمان أو الاشباع الزائد يؤدي إلى التثبيت (آلية دفاعية لاشعورية)، كما يؤدي إلى عدم اكتمال سيرورة النمو الجنسي. وهكذا يبرز فرويد طبيعة النمو الجنسي بتحليله إلى خمس مراحل؛ كل واحدة منها تتصف بمشكلات تكيفية جديدة يجابهها الفرد، وهذه المراحل نذكرها على سبيل الاشارة كما يلي:

  1. المرحلة الفمية (تمتد من الولادة وحتى عمر سنة) يحدث الاشباع من استثارة الشفاه واللسان والفم؛
  2. المرحلة الشرجية: (تمتد من سنة إلى 3 سنوات) يتركز مصدر اللذة في المنطقة الشرجية؛
  3. المرحلة القضيبية: (تمتد من 3 سنوات إلى 5 سنوات) يتركز مصدر اللذة في المنطقة القضيبية/ ظهور العقد؛
  4. مرحلة الكمون: (تمتد من 5 سنوات إلى البلوغ) يتحول مصدر اللذة من الذات إلى الافراد الاخرين/ قد تحل العقد؛
  5. المرحلة التناسلية: (تبدأ مع سن البلوغ) ينهي الفرد ارتباطه بوالديه والبدء في تكوين حياته الخاصة.
تعليق على نظرية النمو النفسي الجنسي لدى فرويد:

لقد استطاع فرويد أن يبدع جهازا مفاهيميا جديدا في تناول الظاهرة النفسية وتحليلها، وقد كان تحليله جريئا في تناول مفهوم الجنس بوصفه عاملا حاسما لتحليل سيكولوجية الفردـ وذلك عل مستوى بناء نفسية الفرد، وعلى مستوى ظهور أو اختفاء العقد النفسية، لكن أبرز الانتقادات التي يمكن توجيهها لنظرية فرويد هو أنه اختزل تحليل نظريته في العامل الجنسي مهملا أو متناسيا في ذلك عوامل أخرى قد تساهم في بناء نفسية الفرد. كما أنه اختزل النمو النفسي لدى الفرد في مرحلة البلوغ إلى الرشد، وهذا يعني إقصاء لباقي مراحل الحياة النفسية لدى الفرد.

نظرية النمو النفسي الاجتماعي مع اريك إريكسون (1994 – 1902):

يتلخص مضمون هذه النظرية حول النمو النفسي الاجتماعي في أنه: “يرى “إريكسون” أن الانسان، في أثناء حياته، يتعرض لعدد كبير ومتلاحق من الضغوط الاجتماعية التي تفرضها عليه المؤسسات الاجتماعية المختلفة: كالبيت والمدرسة والجيران وغير ذلك. وتشكل هذه الضغوط الاجتماعية مشكلات يتوجب على الانسان حلها. ويقترح “إريكسون” مصطلح” أزمة” (Crisis) لكل واحدة من هذه المشكلات. وعلى الانسان أن يعمل جاهدا على حل هذه الازمات حال إيجابيا حتى يستمر في تطوره السليم” (عالونة: 2004)

وعلى أساس هذا الرؤية استطاع اريكسون تحقيق إضافات جديدة عن تصور التحليل النفسي، ومنها أنه قلل من أهمية الغريزة في مقابل قوة الانا، كما أكد أن الفرد يواجه عددا كبيرا من الضغوط الاجتماعية في حياته يجب حلها للنمو السليم. وقد أقر بأن الفرد يمر بثماني مراحل على شكل أزمات و لكل مرحلة اتجاهين أحدهما إيجابي والاخر سلبي، وبهذه المراحل يكون قد تجاوز فرويد عدد مراحل النمو في حياة الفرد، وفسر النمو النفسي الاجتماعي للفرد بأن أن كل إنسان يمر من مراحل النمو من أجل تحقيق طموحاته ونموه بصورة كاملة في النهاية هي:

1 .مرحلة الثقة في مقابل عدم الثقة، وهذه المرحلة تقابل المرحلة الفمية عند فرويد. و إذا مرت هذه الفترة بسلام فسوف نثق بالحياة والمستقبل وإذا لم تمر بسلام فلن نثق بها.

2 .مرحلة الاستقلال أو التحكم في الذات في مقابل الخجل والشك، وتغطي هذه الازمة، ويقابلها المرحلة الشرجية عند فرويد. و هناك مسارين أيضا في هذه المرحلة؛ مسار ايجابي ينتج عنه ضبط النفس، الشجاعة، وبروز إرادة حرة بقول “لا” للتعبير عن الرفض بالرغم من أنها تضايق الوالدين، وتعلم كثير من المهارات. ومسار نقول عنه سلبي في حالة الفشل في تعلم مهارات معينة كالدخول إلى المرحاض مثلا، مما ينتج عنه خجل والشك في قيمة الذات؛

3 .مرحلة المبادأة في مقابل الشعور بالخجل أو الذنب، وتقابل هذه الازمة المرحلة القضيبية عند فرويد ، وتتميز هذه المرحلة باللعب والتخطيط أو المبادرة للقيام بأعمال معينة كترتيب أغراضه مثلا. وإذا فشل في ذلك ولم يجد استحسانا لما قام به فإنه يتولد لديه شعور بالخجل والذنب لفشله في النجاح في أعماله؛

4 .مرحلة الاجتهاد أو الصناعة في مقابل الشعور بالنقص أو الركود، ويقابل هذه المرحلة عند فرويد مرحلة الكمون؛ وعلى نفس المنوال إما أن تنتج الكفاءة

والاجتهاد أو الشعور بالنقص والضعف في حالة الفشل. ومن مظاهر هذه المرحلة هي أن الطفل يدخل في مقارنة تقدير ذاته مع الاخرين في المدرسة مثال فيقارن قدرته مع قدراتهم؛ وإذا كان أفضل منهم أو مثلهم قد ينزع نحو الاجتهاد والمثابرة، وإذا كان دونهم فإنه سينزع نحو الشعور بالنقص والركود. لذلك من الحكمة الا يشعر المدرس أحد أو بعض تلامذته بالنقص أمام زملائهم، وهذا ينطبق على كل مربي، في الاسرة أو المدرسة.

5 .الشخصية ورفض السلطة في مقابل فرض الشخصية، ويقابل هذه المرحلة عند فرويد مرحلة البلوغ؛

6 .مرحلة تحديد الهوية في مقابل اضطرابها في مرحلة المراهقةـ ويقابل هذه المرحلة عند فرويد المرحلة التناسلية؛ ويحدث ذلك في مرحلة المراهقة، حيث يبرز صراع امتلاك الهوية أو الاحساس بها في مقابل الارتباك والتشويش عليها. ومن أهم الاسئلة المربكة لدى المراهق في هذه المرحلة هي سؤال: من أنا؟ وقد يتطور ذلك إلى سؤال آخر هو: هل أنا مثل الاخرين؟ وما هو دوري في هذه الحياة؟ لذلك من الحكمة مساعدة الاباء أبنائهم في ايجاد الإجابة الشافية على أسئلتهم من أجل الوصول إلى اكتشاف هويتهم دون أي ارتباك.

7 .مرحلة العلاقات العاطفية في مقابل العزلة بمرحلة الشباب والزواج؛ هو صراع بين الحب والالفة في مقابل الوحدة والعزلة، وقد يفرز لنا هذا الصراع مراهقة انسحابية في حالة العزلة أو مراهقة نقول عنها “سوية”، في حالة النجاح في بناء علاقات عاطفية (الزواج مثال)؛

8 .مرحلة الانتاج في مقابل الاخفاق في العمل والحياة الزوجية: وينتج عن هذه المرحلة حب مساعدة الناس ورعايتهم، في مقابل الاخفاق في ذلك والعودة للركود والندم على الفشل في الحياة.

نظرية النمو المعرفي مع بياجي (1896 – 1980).

  • يعتبر بياجي أن النمو ذو طبيعة معرفية بامتياز، وأنه تتدخل في عملية النمو أربعة عوامل أساسية وهي:
  • النضج البيولوجي ،
  • و البحث عن التوازن،
  • و الخبرات الاجتماعية ،
  • والتكيف: عبر الاستيعاب والموائمة.

وقد قسم النمو المعرفي إلى أربع مراحل :

1 .المرحلة الحسية- الحركية:

(من الميلاد – 2سنة): يكون الطفل قادرا على اداء عمليتين هما الاحساس والحركة، ويسعى لجعل الحوادث المثيرة تستمر فترة أطول. وتبدأ عمليات اكتساب اللغة، و يعي تدريجيا بالعلاقة بين افعاله ونتائجها على البيئة ؛

2 .مرحلة ما قبل العمليات

(من 2 -7 سنة): يتمكن الطفل من تمثيل الموضوعات عن طريق الخيال والكلمات. ويبدأ باستخدام الرموز، ويتوضح لدى الطفل التمركز حول الذات،… وفي نهاية الفترة يبدأ استخدام العدد، كما تنمو لديه قدرة الحفظ.

3 .المرحلة الإجرائية المحسوسة:

(من 7 -12سنة): يتخلص الطفل تدريجيا من مركزية الذات، ويصبح قادرا على القيام بعمليات عقلية مثل الاستنتاج والاستقراء المرتبطة بالخبرات المحسوسة. وفي هذه المرحلة يترك اللعب الانفرادي في اتجاه اللعب الجماعي.

4 .المرحلة الاجرائية الشكلية/المجردة:

(من 12 -فما فوق): يبدأ الفرد باستخدام التفكير المجرد. إذ يستطيع ان يفكر بعملية التفكير نفسها، أو يتابع افتراضاته بمنطقية. كما يستطيع أن يعزل عناصر المشكلة ويعالجها بانتظام.

ملحوظة: وننبه في هذا المقام إلى أن هذه المراحل هي متتالية وأن مدة كل مرحلة تختلف من فرد لآخر حسب العوامل المتحكمة في النمو. كما نشير إلى أنه: “لم يقتصر بياجي في تفسيره للمراحل بأنها تعزى إلى عملية النضج أو عملية التعلم، وإنما نتيجة خليط من الاثنين معا” (الاشول: 2008).

خلاصة عامة:

يعتبر علم النفس النمو فرعا من فروع علم النفس النظرية، كما أنه ميدان تخصصي قائم بذاته له موضوعه الذي يميزه؛ وهو الدراسة النفسية للنمو بمختلف تجلياته، وله مناهجه التي تميزه؛ استلهمها من علم النفس العام، بالإضافة إلى تميزه وتفرده بالدراسات الطولية والدراسات المستعرضة. وإذا كان لدراسات النمو النفسي أهمية خاصة تعود بالنفع للفرد من أجل الوقاية أو التدخل العلاجي فإن ذلك ينعكس على المجتمع، لأنه يفترض أن صلاح الفرد مؤشر على صلاح المجتمع في أحد أبعاده النفسية الاجتماعية بالدرجة الاولى.

وإذا كانت الدراسات والابحاث قد تطورت كثيرا في هذا الميدان التخصصي منذ تأسيس أول مختبر في علم النفس على يد فونت، فإن أهم مؤشر على هذا التطور الهائل تجسده نظريات النمو النفسي، والتي حاولت عبر المناهج التحليلية والموضوعية تناول ظاهرة النمو؛ كظاهرة نفسية متغيرة ومتعددة الجوانب (جنسية، نفسية اجتماعية، معرفية، أخلاقية، حركية، عصبية…إلخ).

ويمكن الاشارة في الاخير إلى أنه بالرغم من وجود كم هائل من الدراسات في علم النفس النمو أفرزت لنا تلك النظريات، الا أنه مع تطور علم الأعصاب والعلوم المعرفية يمكن التنبيه إلى أنه من المحتمل تحقيق طفرات نوعية في دراسة النمو مستقبلا بالنظر إلى تطور العلوم، وبالنظر إلى أن الدراسات في هذا الميدان التخصصي، تست فيد من نتائج الدراسات في ميادين بحثية أخرى في علم النفس، وغيره من العلوم ذات الصلة أو الاهتمام المشترك.

تحميل محاضرة نشأة وتطور علم النفس النمو PDF

تحميل المحاضرة PDF

المصدر: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية – القنيطرة

إغلاق