من دروس كورونا – عصام أربيب

حالة الهلع والقلق الأنطولوجي المعاش اليوم , جعلتنا ندرك أن الاستثمار في العنصر البشري هو الأهم وهو الركيزة الأساس لبناء مجتمع واعي بشكل إبستيمولوجي ، باعتبار الإنسان هو البداية والنهاية لكل الانطلاقات الاقتصادية ولكل الأزمات الطبيعية،  و أن إعادة هيكلة قطاع الصحة والتعليم شيء ضروري وواقع بات يفرض  نفسه في ظل ما يعانيه المعلم والطبيب اليوم من إكراهات وعوائق متشعبة وشائكة .

كوفيد  19-” هو الفيروس الذي علم البشرية أن مكانة الطبيب والمعلم ورجل النظافة والشرطي ينبغي أن توضع على قمة الهرم، وتصنف ضمن أولوية الأولويات و أن تسطر في الفصول الأولى لدستور كل الدول،  فهي أساس النمو والتنمية والتقدم .

     فترة الحجر الصحي تعلمنا كيفية التعامل مع ذواتنا ومع المجتمع ومؤسساته بشكل حذر , فهي فترة ترتيب الأمور الحياتية , وفترة رد الاعتبار لمجموعة من القطاعات المهمشة في مجتمعنا،  ” كورونا “ أماطت اللثام عن حقيقة واقعنا المعاش،  ودفعتنا لطرح تساؤلات عديدة :

كيف يعقل أن يتقاضى لاعب كرة القدم في يوم واحد أضعاف مضاعفة مما يتقاضاه طبيب طيلة شهور من العمل  ؟…..

أغنية تافهة فوق منصة الحماقة   تدر على صاحبها ما يجنيه صاحب المهنة الشاقة طوال حياته، والذي قيل فيه مدحا ”  كاد المعلم أن يكون رسولا ” .

ما يحصل عليه أصحاب الثرثرة الفارغة والسلوكات المصطنعة الخالية من حسها الأخلاقي , تفوق ما يحصل عليه رجل النظافة طوال حياته العملية…؟

      ” كورونا ” قدمت للعالم درسا,  وأرغمت العديد من الدول على إعادة ترتيب أنظمتها الداخلية,  وجعلت العديد من الحكومات تدرك أن دور رجل النظافة في المجتمع أهم من دور رجال التفاهة الذين نراهم على قنوات الصرف الصحي , والذين لم يقدموا سوى الترهات على قنواتنا الفضائية .

فالطبيب اليوم هو يواجه الأزمة ويتصدى لها , ويقدم نفسه قربانا لانقاد المصابين .

والمعلم هو الذي يمارس دور الإرشاد والتوجيه،  هو الذي يوعي ويثقف أفراد المجتمع .

غباء منا كل الغباء أن ننسى دور الشرطي وما يقوم به حفاظا على الاستقرار المجتمعي وضمان نجاح وفعالية الحجر الصحي .

      ففي اللحظة التي يلفظ فيها العالم أنفاسه الأخيرة تجد هؤلاء في الصف الأول للتصدي لجائحة تهدد الإنسانية ,  تجدهم في مجابهة فيروس  جعل كل شعوب العالم في حالة خوف وفزع وأوقف عجلة الاقتصاد وحركة السير في كل الشوارع التي لم تعرف الهدوء يوما , تجد هؤلاء في فوهة القذيفة الموجهة نحو البشرية .

فما يقومون به من أدوار بطولية  تجعلهم عرضة للمخاطر وللموت المحتم , غير أبهين بكل هذا وضاربين لكل المخاطر عرض الحائط,  هدفهم الأسمى تعقيم الشوارع حتى ينعم العنصر البشري بفضاء صحي مريح .

في زمن الغباء , زمن الزهايمر , زمن إنكار الجميل,  تحصد البشرية ثمار ما زرعته أمس .

 الطالب الباحث عصام أربيب

إغلاق