منهجية تحليل نص فلسفي – نموج تطبيقي (نص أرسطو -العلاقة مع الغير)

محاور الدرس

أولا: منهجية تحليل النص الفلسفي وفق مذكرة التقويم
ثانيا ثانيا تحليل نص فلسفي (نص أرسطو حول العلاقة مع الغير)
أولا منهجية تحليل النص الفلسفي وفق مذكرة التقويم 
[button color=”black” size=”small” link=”https://www.philoclub.net/%d9%85%d8%b0%d9%83%d8%b1%d8%a9-2014-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%ac%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9/” icon=”” target=”true” nofollow=”false”]الإطلاع على المذكرة[/button]
اللحظة
المضمون
سلم التنقيط
الفهم
الطرح الإشكالي للموضوع من خلال:
üتحديد موضوع النص، من خلال تحديد القضية (الوضع البشري مثلا) والمفهوم (مفهوم الشخص مثلا) وتحديد الموضوع الرئيسي (مثلا نقول: النص يبحث في إمكانية أن يكون الشخص حرا…)
üصياغة إشكاله وأسئلته الأساسية الموجهة للتحليل والمناقشة. ولابد من الوقوف عند مجمل الأسئلة والإشكالات، وليس فقط إشكالا او سؤالا واحد
04
التحليل
üتحديد أطروحة النص وشرحها.
üتحديد مفاهيم النص وبيان العلاقات التي تربط بينها
üتحليل الحجاج المعتمد في الدفاع عن أطروحة النص
ملاحظة: إن الحديث عن أفكار ومفاهيم وحجج، لا يعني تحليل الأطروحة تحليلا مجزأ، وإنما تحليلا مركبا كما يفعل الفلاسفة في نصوصهم.
05
المناقشة
üالتساؤل حول أهمية الأطروحة بإبراز قيمتها وحدودها.
القيمة: يتم إبرازها قيمة الأطروحة عبر بيان قوتها، فيمكن أن تكون للأطروحة قمة من حيث تماسكها الداخلي ومنطقيتها، أو من حيث دفاعها عن قيمة أخلاقية، أو من خلال تطابقها مع الواقع…
الحدود: يقصد بحدود الاطروحة ما أغفلته، أو ما أخطأت في حقه…
üفتح إمكانات أخرى للتفكير في الإشكال الذي يثيره النص، أي المناقشة الخارجية للأطروحة ، من خلال خلق حوار بين الأطروحة وأطروحات أخرى، ومن خلال استحضار أقوال وأمثلة…
05
التركيب
üاستخلاص نتائج التحليل والمناقشة
üتقديم راي مدعم.
03
الجوانب الشكلية
تماسك العرض وسلامة اللغة ووضوح الخض
03

 



ثانيا تحليل نص فلسفي (نص أرسطو حول العلاقة مع الغير)

معاينة نص أرسطو

لحظة الفهم

إن وجود الإنسان هو وجود مع الآخر، إذ لا يصح له العيش بفرده، فلابد له من العيش مع الغير/الآخر.وهكذا نكون قد تجاوزنا إشكال الضرورة -أي ضرورة وجود الغير-  إلى إشكال آخر، هو إشكال العلاقة، أي علاقة الأنا بالغير. وإذا كان الشخص يدل على الذات بما هي ذات واعية وحرة ومسؤولة أخلاقيا، فإن الغير هو الآخر ذات، أوكما قال سارتر، فالغير هو الأنا الذي ليس أنا. والنص الذي سنتناوله يعالج قضية الغير ويطرح بصددها جملة من الإشكالات وهي كالتالي: إذا كان لابد للأنا من الغير، فما العلاقة التي تربط الأنا مع الغير؟ هل هي علاقة صداقة وحب، أم هي علاقة صراع وتشييء وتهديد؟ بعبارة أخرى أهي علاقة إيجابية أم سلبية؟ وبأي معنى تكون العلاقة مع الغير علاقة صداقة؟ وبأي معنى تكون العلاقة مع الغير علاقة صراع أو تهديد أو تشييء؟

لحظة التحليل

يتبنى النص أطروحة وهي كون الصداقة أساس العلاقة مع الغير. فقد بدأ نصه بالتأكيد على أن الصداقة في ماهيتها وجوهرها ما هي إلا ضرب من الفضيلة، وتفيد الفضيلة الأفعال الأخلاقية التي تصدر عن الفرد من شجاعة وغيرية وصداقة، إذن فالصداقة ترتبط بمبدأ الفضيلة، والفضيلة لا تدل إلا على الخير. وقد اعتبر صاحب النص الفضيلة أشد الحاجات ضرورة للحياة، وقد نفى أن يستطيع أحد العيش بدونها. ولتدعيم أطروحته قدم صاحب النص مجموعة من الأمثلة لذلك. فقد ذهب إلى كون الغنى أو الثراء لا يشكل بديلا للأنا عن العيش دون أصدقاء. فالغنى لا ينفع إذا لم يمكن أن يحصل الغني على المدح من طرف أصدقائه، وأنه لولا الأصدقاء لما استطاع الإنسان تحصيل الخيرات العظيمة، ولما استطاع حفظها. زيادة على ذلك فالأصدقاء يعتبرون الملاذ الوحيد في حالة البؤس والشدائد، فحين نكون شبانا نطلب من أصدقائنا أن يعصمونا من الزلات عن طريق النصائح، ونطلب منهم أن يساعدوننا حين نشيخ، ونعتمد عليهم لنتم أعمالنا حينما نكون في قوتنا. بعد تقديمه لكل تلك الأمثلة على ضرورة الأصدقاء وبالتالي ضرورة الصداقة. يعود صاحب النص إلى ربط مفهوم الصداقة بمفهوم آخر وهو مفهوم الطبيعة، الذي يعني الجانب الطبيعي في الإنسان، ليبين لنا كيف أن الصداقة هي شيء طبيعي في الإنسان يولد به. لأن الصداقة ترتبط بالحب وهو إحساس فطري لا يوجد فقط بين الإنسان والإنسان، وإنما يوجد حتى بين الحيوانات. بعد مقاربته لمفهوم الصداقة من الناحية الإجتماعية والطبيعة ينتقل بنا صاحب النص إلى مقاربة سياسية، حيث استحضر مفهوم العدل، وحاول من خلال استحضاره لمفهوم العدل تبيان أي من العدل والصداقة أهم للمجتمع. ليخلص إلى أن الصداقة أهم من العدل. لأن حضور الصداقة يلغي أهمية العدل،بينما حضور العدل لا يعنى إمكانية الإستغناء عن الصداقة، يقول صاحب النص: متى أحب الناس بعضهم بعضا لم تعد هناك حاجة إلى العدل. غير أنهم مهما عدلو فإنه لا غنى لهم عن الصداقة. وفي الأخير يذهب صاحب النص إلى اعتبار الصداقة جميلة وشريفة وليس فقط ضرورية. ويمكن أن نختم تحليلنا للنص بنفس القول الذي انتهى به النص: كثير من الناس يشتبه عليهم لقب الرجل الفاضل بلقب الرجل المحب

لحظة المناقشة

إن لتصور صاحب النص قيمته الفكرية، حيث ساهم في إثراء وإغناء الكتابات الفلسفية، كما أنه يدافع عن قيمة إنسانية هي قيمة الصداقة، وهذا ما يجعل تصوره ذا أهمية قصوى من الناحية الأخلاقية. لكن، أليس هذا التصور للعلاقة مع الغير، تصور مثالي؟ لا يمت للواقع بصلة؟ أليست العلاقة مع الغير علاقة صراع وصدام وتوتر؟ أو بعبارة أخرى هل العلاقة مع الغير هي دائما علاقة صداقة؟ ومبرر هذا التساؤل هو ما نشهده اليوم من فردانية، ومن صراعات وحروب تطاحن. نعم، إن هناك من بين الكتابات الفلسفية، التي تحدثت قائلة: إن العلاقة مع الغير هي علاقة صراع، هذا الموقف يمثله الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل وجون بول سارتر، فهيجل الذي ذهب إلى التأكيد على أن وجود الغير ضروري لوجود الذات، لكن هذا الوجود لا يخلو من صراع وتطاحن بين الأنا والغير، ويقدم هيجل كنموذج لهذا الصراع مثال “جدلية العبد والسيد”، التي ينتزع السيد من خلالهااعتراف العبد له بالسيادة، وأيضا ينتزع من خلالها العبد اعتراف السيد له بالسيادة حين يضعف السيد ويستكين إلى الراحة. ونفس التصور يذهب له الهيجلي (نسبة إلى هيجل) ألكساندر كوجيف، الذي أكد بدوره أن العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة صراع وتطاحن. ويذهب سارتر إلى التأكيد كذلك على الدور الكبير الذي يلعبه الغير، بحيث هو الذي يمنح معنى لوجود الذات ويمنحها القدرة على إدراك نفسها، لكن رغم ذلك فالعلاقة بينهما هي علاقة تشييء وتجميد لحرية الأنا، وذلك من خلال النظرة ينظرها الغير والتي تجعل الذات تشعر بالخجل، وحين تشعر الذات بالخجل فإنها تكف عن ما تقوم به، وهذا دليل على فقدانها الحرية. من هنا كانت عبارته المشهورة التي ختم بها مسرحيته “جلسة مغلقة “، الجحيم هم الآخرون. ويميز الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر بين نمطين من الوجود: وجود زائف أو سطحي: ويتميز بالسقوط، أي أن الذات تسقط من مكانها لترتمي في أحضان الجماعة ويمكن أن نصف الذات في هذه النقطة بأنها تهرب من نفسها ومن حقيقتها لتعيش مع الجماعة. ووجود حقيقي وأصيل: يتم بواسطة قفزتين وجوديتين، ويتميز بعودة الذات إلى نفسها وإلى حقيقتها، فهو وجود قلق، وفي هذا القلق الذي يتطلب شجاعة كبيرة تكتشف الذات حقيقة وجودها وبأن هذا الوجود هو وجود متناهي يهدده الموت. على ضوء هذا التمييز يتبين أن العلاقة مع الغير هي علاقة اتصال وانفصال، فهيعلاقة اتصال ليعيش الفرد حياته اليومية وعلاقة انفصال ليعيش الإنسان حقيقته وحقيقة وجوده.

لحظة التركيب

إن الغير سواء كان فردا أو جماعة او ثقافة، قريبا منا أو بعيدا عنا، هو جزء لا ينفصل على وجودنا الجماعي، وليست العلاقة التي تربط بين الأنا والغير هي علاقة واحدة ووحيدة، فإذا كان صاحب النص يؤكد على أهمية علاقة صداقة الفضيلة، فإن سارتر وهيجل وكوجيف، يؤكدون على كون العلاقة الرابطة بين الأنا والغير، هي علاقة صراع وتشييء وتطاحن،بينما ذهب هايدغر إلى أن هناك علاقة اتصال وانفصال بين الأنا والغير، الأولى ليعيش الفرد حياته اليومية، والثاني ليعي الإنسان حقيقته وحقيقة وجوده. الإختلاف الحاصل بين التصورات هو لأن صاحب النص يبحث عنا يجب أن يكون، بينما يذهب الفلاسفة الآخرون إلى ما هو كائن وواقعي. من هنا يظهر أن العلاقة مع الغير يجب أن تكون علاقة صداقة وحب وود إيخاء، ما دام الإنسان مجبرا على الإجتماع بفطرته، وفي نفس الوقت أن يكون مصارعا من أجل تحقيق ذاته والدفاع عن وطنه.

إغلاق