تقديم عام لمفهوم الغير

  • المادة: مادة الفلسفة
  • المستوى: الثانية باكالوريا
  • المجوءة الأولى: مجزوءة الوضع البشري

المفهوم الثاني مفهوم الغير

تقديم عام المفهوم

يشكل الإنسان الموضوع الرئيسي للفلسفة، منذ بداياتها الأولى، لكن التفكير الفلسفي في المفهوم الإنسان لا يتم بالنظر إليه  كذات وكشخص  فقط، وإنما كغير أيضا. من هنا برز اهتمام الفلسفة بقضية الغير وبمختلف الإشكالات التي ترتبط بالغير.

لكن، لابد من الإشارة إلى أن التفكير في مفهوم الغير، بشكل واضح وصريح، لم يتم إلا خلال اللحظة الحديثة من تاريخ الفلسفة، وخاصة مع الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل. فقبل هيغل، كان الاهتمام الفلسفة بالإنسان كذات، وكأنا، وقلما نجد موضوعا فلسفيا شاملا عن الإنسان كغير. والمثال فلسفة ديكارت، والتي لا حديث فيها إلا عن الذات، والذات والمفكرة، أما الغير فلا تنظر إليه إلا كوجود افتراضي، أي كوجود بين قوسي الشك. وقبل أن نحدد ما يطرحه مفهوم الغير من إشكالات، لنحدد أولا دلالاته.

يحضر الغير في اللغة العربية كآخر، ويدل على الاختلاف والمغايرة والنفي…  كما يستعمل للحديث أو الدلالة عن الأشياء والإنسان معا، نقول مثلا: ثور آخر، رجل آخر، غير هذا الثوب، غير هذا الرجل. وفي اللغة الفرنسية، فنجد كلمة غير Autre  تدل هي الأخرى على الآخر سواء تعلق الأمر بالإنسان أو الأشياء. لكن في نفس اللغة نجد كلمة Autrui المشتقة من الجذر اللاتيني ALTER، والتي تعني الآخر “الإنساني”. هذه الدلالة الأخير هي نفسها الدلالة الفلسفية، لكن الغير في الدلالة الفلسفية يحضر على نحو دقيق، حيث نجد التعريف التالي والذي يعود للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: “الغير هو ذلك الأنا الذي ليس أنا ولست إياه، يشبهني ويختلف عني”. إذا فمفهوم الغير في الفلسفة يدل على الذات الإنسانية الأخرى، بما هي ذات واعية ومفكرة وعاقلة. والقول بأن الغير هو أنا أخرى تشبهني وتختلف عني، أي أنه يشبهني في كونه ذات إنسانية وكونه ذاتا مفكرة… ويختلف عني في الثقافة والمظهر الخارجي والميولات والأهواء…

بعد تحديد دلالة مفهوم الغير، يمكن الآن تحديد ما يطرحه مفهوم الغير من إشكالات. يطرح مفهوم الغير ثلاثة إشكالات فلسفية أساسية، وهي كالآتي:

  • إشكال وجود الغير
  • إشكال معرفة الغير
  • إشكال العلاقة مع الغير.

بخصوص الإشكال المتعلق بوجود الغير فيتم طرح السؤال التالي: بما أن الذات في حاجة إلى وعي ذاتها وإدراك وجودها، فهل يعد وجود الغير شرطا ضروريا لوعي الذات لذاتها وإدراكها لوجودها، أم أن الذات لها ما يمكنها من ذلك وليست في حاجة إلى وجود الغير ؟

أما بخصوص إشكال معرفة الغير، فيتم طرح السؤال التالي: بما أن الذات لا يمكن أن تعيش إلا مع الغير، وبما أن الغير ليس فقط جسما أو موضوعا، بل هو وعي وفكر ووجدان وميولات… فهل يمكن الذات معرفة الغير في وعيه وتفكيره ووجدانها؟ هل يمكن إدراك الغير كذات أم أن إدراكه لا يتم إلا كموضوع؟ أليس الغير عبارة عن حصن منيع يصعب تجاوزه واختراقه؟

وفيما يتعلق بإشكال العلاقة مع الغير، فيتم التساؤل عما يلي: بما أن الإنسان كائن اجتماعي، لا يستقيم وجوده إلا بوجود الغير، فما طبيعة العلاقة القائمة بين الذات والغير؟ هل هي علاقة قائمة على الود والصداقة أم أنها علاقة قائمة على الصراع والتشيء؟ هل وجود الغير إغناء وإثراء لوجود الذات، أم أن وجود الغير تهديد للأنا، ويفقدها وجودها الأصيل؟

  • لمعاينة دروس مفهوم الغير المتوفرة على موقعنا اضغط هنا 

إغلاق