قراءة نقدية في رواية “برهان عسل” لسلوى النعيمي – يوسف اليوسفي
يوسف اليوسفي أستاذ و باحث في الفلسفة
تعتبر رواية “برهان عسل” واحدة من الروايات الأكثر مبيعا في العالم العربي، تنتمي هذه الرواية لصاحبتها سلوى النعيمي لصنف الروايات الجنسية أو البورنوغرافية، كما تفضل الروائية أن تطلق على بعض المشاهد التي تصورها ضمن مشاهد ايروتيكية عميقة.
حاولت خلالها- الرواية- الروائية أن تجمع تاريخ الجنس في البلاد العربية الإسلامية بنوع من الجرأة و هي تحاول رسم صور جمالية شاعرية معتبرة نفسها مجبرة على اختراع لغة جديدة خاصة بالنساء، و اعتبرت أن عيبها يكمن في كونها جاءت من كوكب لغوي آخر.
الروائية في فصول روايتها أو عملها الإبداعي الذي نحن بصدد معالجته كانت تركز أشد تركيز على استعمال بعض المفاهيم الجنسية التي يتم إستهلاكها بشكل عام في الأزقة والأحياء وهلم جرا. معتبرة أن خلق لغة نسائية خاصة أمر لا مفر منه للتعبير عن ما تعيشه المرأة العربية الشرقية من تسلط لغوي، إذا ما سلمنا مع بارث أن اللغة في حد ذاتها سلطة، وهو ما حاولت أن تحسبه جرأة أدبية، إن لم أقل ثورة على الموجود اللغوي أو القاموس اللغوي الذي لم تجد الروائية المرأة العربية /الشرقية فيه، معتبرة أن الثورة على اللغة ثورة حقيقية على سلطة المجتمع والتقاليد والأعراف، هذه الثورة يدخلها البعض ضمن الثورة الجنسية الممكنة في البلاد العربية كما يحاول عبد الصمد الديلمي أن يقر بذلك عبر مجموعة من المفاهيم و المصطلحات التي يعرج عليها من قبيل “البرتوش” إلا أنها لم تنفك ولن تنفك أن تكون مجرد وقاحة أدبية، ليس لأن النص الأدبي الذي صاغته إباحيا، فلا إباحية في الفن، ولكن لأن الروائية في عملها هذا عمدت إلى تشويه اللغة والمصطلحات العربية بتمزيقها، ومحاولة صياغة مفاهيم جديدة مصطلحات دخيلة على ثقافتنا لا أكثر، إذ حاولت نقلنا من ثقافة إلى أخرى، من ثقافة تؤمن بالحب وتخفيه حفاظا على قدسيته، إلى ثقافة تعلن الجنس بديلا عن الحب متناسية أنها تحوّل الكائن الإنساني من كائن عاطفي جمالي يمارس الذوق الفني في ممارسته للجنس وليس السلوك الحيواني المحض، وما تركيزها على مفاهيم دخيلة بعينها إلا دليل على إقحامها للمعنى في فوضى لن يخرج منها قط كآستعمالها لمفاهيم من قبيل “السكسي” و”النيك” و”البورنوغرافي” بدل الحفاظ على الحدود اللغوية واللفظية بين ما هو جمالي يفهمه الخاصة، إلى ما هو “زنقاوي” يخرج من الفن إلى العمل الروائي المشوَه.
ليس عتابا للروائية ولا نقدا لها بل عملا أبتغي منه رد الإعتبار لذاتي المتورطة في هذا العمل والذي كان ليروقني في سن كنت فيه لأتابع الأعمال السوقية الرخيصة بنفس اللهفة التي تتابع بها بطلة الرواية هذه المفاهيم و تحاول أن تغرض فيها بحثا عن اشباع جنسي غير متحقق في واقعها المعيش.
الروائية وهي تصول وتجول في بحث عن اللذة والمتعة تقر أنها لم ولن تنسى رجلا واحدا من بين كل الرجال الذين مارست معهم الجنس واستمتعت به، لا لشيء إلا لأنه عاملها كامرأة ولبّ جميع رغباتها الجنسية المكبوتة والمكبوحة في ثقافتها العربية، وتعتبر أن هذا الرجل أطلق العنان لرغباتها وحرر جسدها من سلطة الثقافة التي تبيح الجنس وفق تصور عام لا يمكن مناقشته وفي هذا الصدد ترجع الكاتبة فاطمة المرنيسي الخيانة الزوجية لعدم معاملة الزوج لزوجته معاملته لعشيقته أو حبيبته وتواصل المرنيسي في شرحها معتبرة الزوجة تعلمت في بيت أمها أن الصراخ في الجنس حرام ومنبوذ وله دلالات ثقافية كبيرة، على المرأة تجنبها في مؤسسة الزواج الأمر الذي يجده الزوج خارج هذه المؤسسة.
لست ههنا لأرخص العمل أو أحاكمه لأني لا أستطيع ذلك لكني أحاول أن أدافع عن الفن بآعتباره فوضى جمالية ينتهي بتنافي شرط البلاغة واللغة الجميلة، وأعتقد أن القارئ كاتب من منظور آخر، يمكنه أن يستغني عن بعض المفاهيم والصور البلاغية ويبدلها في أحيان عدة اقحام بعض المصطلحات التي تخدش الحياء العام في الوطن العربي.
إن هذا النوع من الروايات في حد ذاته يعتبر من الطابوهات في مجتمعاتنا، فما بالك بتوظيف مصطلحات دخيلة على لغتنا.