قراءة نقدية في رواية “إنتصاب أسود” لأيمن الدبوسي – يوسف اليوسفي

يوسف اليوسفي أستاذ و باحث في الفلسفة

 

قراءة نقدية في رواية “إنتصاب أسود” لأيمن الدبوسي و التي تنتمي للروايات الجنسية التي يحاول صاحبها أن يربط بين الثورة و الجنس مستلهما كل هذا من الإيروتيكية الغربية في زمن النهضة و خاصة على مستوى الرسم…يقدم لنا الروائي في عمله الذي نحن بصدد دراسته و نقده فصول كثيرة تفقد عنصر الترابط و الإتساق المنطقي الذي يفقد في الآن ذاته الرواية قوة جمالية و بلاغية قوية و يحاول في عمله هذا أن يركز لا على الشخصية و لا على عنصر الزمان و المكان كمكونين قويين للروايات العربية و العالمية..
في هذا العمل الإبداعي لم أجد أي موضوعة أو تيمة يمكن التركيز عليها غير الجنس بآعتباره واحدا من الطابوهات التي ظلت إلى زمن غير بعيد من المسكوت عنه أو أنه الممارس غير المفضوح في تقديم الموضوع لا يضيف الروائي شيئا جديدا للقارئ سوى بعض الجرأة في آستعمال الكلمات العامية في الرواية بدل جعلها فضاءا جماليا عملاقا له حقه..
في هذه الرواية ركز الراوي على مفاهيم من الأزقة بدل القواميس و حاول تجسيد وضعيات جنسية لا تمت للثقافة العربية و الإسلامية بصلة و لا يقدمها بنوع من الجرأة بل يقدمها بنوع من الرداءة في تهافت منقطع النظير لعرض الجديد في فكره…
ظل الروائي مدفوعا بجنسانيته لمعالجة الظاهرة بالواقع العربي كاشفا للقارئ أشياء يظن الراوي أنها ثورة على القيم الجنسية و الممارسات الجنسية في بلادنا العربية و الإسلامية رابطا في فصول عدة بين الثورة الجنسية العربية بالممارسة الجنسية الغربية في شخص ميلتوس و كريستوف و هيلين و اليابانيات و غيرها من الشخصيات التي مارس في فكر الروائي ثورة جنسية..
كان الراوي جريئا إلى حد ما في توظيف مفاهيم جديدة لم توظف من قبل في الرواية العربية من قبيل “البورنو ” و “الأير” و “المص” و غيرها من الأشياء التي عدها الروائي إجتهادا شخصيا لدرجة الثورة معتبرا أن إقرار هذه المفاهيم ثورة في حين أن هذه المفاهيم موجودة في القاموس العربي و يمكن أن يستعملها بنوع جمالي يتيح لنا فهما عميقا للأشياء و إذا كان يعد هذا جرأة  في الفن و الآداب و الثورة لماذا لم ينزل إلى حدود آستعمال مثل هذه المفاهيم لدى الإناث….
 لم يبدع الكاتب في شيء و لا في تصوير بلاغي و لا في رسم دلالي يتيح لك متعة في القراءة و المتابعة…
أيمن الدبوسي كان له شرف المحاولة في الثورة على القديم و نزع الغطاء و كشف المستور إلا أنها كانت بالنسبة لي محاولة بئيسة في فن الرواية إذ حتى كشف المستور يتطلب جمالية و إبداعا و رونقا بعيدا على الإنحطاط لمفاهيم وقحة نأتي بها من غير القواميس و المعاجم فالكاتب مهما حاول كشف المستور و إحداث الثورة في أي مجال فعليه أن يفعل ذلك في إطار الحرف و الكلمة و لا يحق له أن يسفه القارئ بآستعمال المفضوح للعامي و قد يبدو النقد الذي أقدمه محافظا إلا أنه لا ينفك يكون دفاعا عن اللغة و الحرف و الكلمة.

إغلاق