فيروس كورونا وفلسفة علم الاوبئة التطبيقية والعملية؟ (بالتفكير بالمفهوم الهايدغري والمساهمة في الانتاج والابداع الفكري الانساني العالمي).
بقلم: بلقاسم مليكش المدعو سعيد(من الجزائر)
- طالب سنة رابعة دكتوراه علوم(نظام كلاسيكي) تخصص فلسفة غربية حديثة ومعاصرة بالمدرسة العليا للاساتذة ببوزريعة.
- نشر من: تقربوست بتاريخ 14 مارس 2020.
علاوة على الاثار الاقتصادية لفيروس كورونا، والاسئلة والاشكالات التي يطرحها من مثل اشكال نقائص العولمة السلبية والعلاقة بالطبيعة واثرها على الاقتصاد، والقيمة الاقتصادية السلبية للفيروس…الخ، هناك ايضا الاشكالات الاجتماعية بحيث يظهر الفيروس القيمة الصحية والاقتصادية للعلاقات والمعاملات الاجتماعية من مثل عادات البوس والمصافحة والواجب الحفاظ عليها او تركها مستقبلا، اضافة الى اهمية وقيمة قطع او وصل العلاقات الاجتماعية، بحيث انه يموت الناس منعزلين ويمنع الاجداد عن احفادهم لان الاطفال الصغار يحملون الفيروس ولا يمرضون وبالتالي ينقلونه الى اجدادهم الذين يمكن انهم سيموتون به، فيكون سؤال: ما الاهم: العلاقات الاجتماعية ام الصحية؟ الموت مع الاحباب او بهم، ام الموت وحيدا منعزلا؟
وعلاوة على كل ما سبق، يطرح فيروس كورونا قضايا الامن الوطني ايضا، بحيث ما مدى نجاعة الجيوش بأسلحتها الفتاكة والميزانيات الضخمة لها امام تهديد امني مثل الفيروس؟ ما مدى مشروعية تمويل ضخم للأسلحة الفتاكة وتقليص ميزانية الصحة والبحث الصحي؟ ما هي التحضيرات والتعاملات الامنية والدفاعية ضد الفيروس ؟ ما مدى اندماج الدفاع البيولوجي في الهيئة الدفاعية الوطنية؟ بمعنى اين موقع وكالة ومخابرات الامن البيولوجي ضمن الدفاع الوطني؟ وايضا، لماذا يدفع للاعب كرة القدم الملايير، ويترك الباحثين البيولوجيين على الاخص والاطباء عموما باجر متدني عقيم؟ اليس ذلك لا عقلانية في التوزيع، ولا عدالة هيكلية وامنيا خلل كبير في البنية التحتية للاقتصاد والفكر المجتمعي؟
ولكن فيروس كورونا ايضا يطرح قضية المعايير في النظام الصحي ومدى جاهزيته لتحمل الاصابات الكثيرة التي تتضاعف بانتشارها في حال عدم التكفل بها في الوقت المناسب لان قدرات الجهاز الصحي الوطني غير كافية، كما يطرح اشكالات فلسفية من مثل التعارض بين الحريات الفردية والجماعية مع الحقوق الصحية الذاتية والغيرية: ايهما اولى، وهل يتحتم التضحية بإحداها لأجل الاخرى لزاما؟ وما مدى شرعية العنف المستعمل لأجل فرض الحجر الصحي؟ ومن له الشرعية في فرضه وكيف؟ وغيره من كل ما يتعلق بالمجال من مشروع المجتمع وقيمته امام الخطر المحدق.
تلك هي بعض ابعاد نتائج فيروس كورونا وما يماثله. ولكن ، أبعد من ذلك وعلميا:
اليس على علم الاوبئة ان يحدد مستقبلا معايير جديدة وتصنيفا قياسيا للأوبئة مثل تصنيفات ايزوISO الاقتصادية؟ ولكن تكون تصنيفات عالمية معيارية وقياسية للأمراض والعامل المرضي لها وفيها، بحيث مثلا ياخذ في الحسبان بالتنقيط ل:
١– مدى انتشار الفيروس بسرعته وتسارعه (ولذلك ايضا يجب وضع ادوات قياس السرعة والتسارع ومعايير فرعية للقياس، وتحديد من وميف يوضع ذلك؟)
٢– كيفية الانتشار وتعدد طرقه او قلتها
٣– مدى نقل العامل المرض (الفيروس او البكتيريا …الخ) من طرف غير المريض، اي: هل يمكن ان يكون العانل المرضي موجودا في جسم صحي لم يمرض بعد وينتقل في تلك الحالة؟ ام ينتقل فقط في حال المرض وبما ينتج عنه؟
٤– هل الفيروس قاتل بذاته ام لا؟ ام أنه قاتل بما ينتج عنه من دعم لأمراض سابقة او لعوامل مرضية اخرى؟ وما مدى ما ينتج عنه ومدى تأثيره الثانوي وشدته؟
٥– مدى الوقت اللازم لتواجد الفيروس في الجسم الصحيح الى وقت ظهور المرض واعراضه
٦– مدة المرض حتى الشفاء
٧– هل الفيروس يعود في الظهور او يموت بعد الشفاء؟
٨– هل الذي شفي يمكنه نقل الفيروس؟
٩– شروط انتقال الفيروس
١٠ – شروط حياة وموت الفيروس الطبيعية
١١– مدة حياة الفيروس
١٢– مدة تكاثر الفيروس وسرعته …الخ
وبكل تلك المعايير- وغيرها- والتنقيطات اللازمة لها (النقاط القيمية التي تمنح لكل معيار حسب الاهمية المعطاة له – هنا ما معيار الاهمية؟ – او فعاليته – وهنا مالمقصود بالفعالية وبالنسبة الى ماذا وهل هي ايجابية ام سلبية؟-)، بها يتم تصنيف سلم خطورة الامراض والفيروسات (مثل سلم ريشتر للزالزل)
وبها ايضا توضع معايير بروتوكولات اجراءات المعالجة، التحذير والوقاية والعلاج لها.
وذلك ما لا يمكن انجازه الا بوجود وكالة او مرصد او معهد وطني للاوبئة يقوم بذلك بثورة فكرية معيارية في علم الاوبئة بوضع المقاييس كما يفعل مثلا في الجزاىر المعهد الوطني للقياسات والمقاييس والمكاييل.
وتلك الوكالات تتحد على المستوى العالمي في منظمة عالمية للمعايير والاقيسة او المقاييس والتعيير(وضع المعايير) للاوبىة، وتضع مؤشرات عالمية موحدة في الموضوع.
اي ايزو iso عالمي للأوبئة والاجراءات الصحية.
وفي الاخير:
مهمة الفلسفة المستقبلية تتمحور في الجواب على اشكالية: ما هو معيار المعيار؟ وماهو معيار المقارنة بين المعايير النوعية المختلفة في المجالات المختلفة)الصحية ، الاقتصادية، الامنية، الحريات، الانسانية، …الخ)؟ بحيث كيف تتوحد في معيار كلي للمعايير؟ او: كيف تعطى الاولوية لمعيار صحي مثلا على معيار اقتصادي او العكس، في وقت ما؟ وما معيار ذلك؟ ذلك بتوسيع البحث حول العلاقات بين المعايير وتعريفات المعيار المختلفة في علاقتها مع تعريفات القيمة كمفهوم اخر متعلق.