فلسفة الأمل بين الخيال والإبداع
ما هو معني الأمل ؟ وما هو الخيال ؟ وما هو الإبداع ؟ وكيف ينتقل الإنسان من الحاجه والعوز إلي الأمل ثم الخيال ثم الإبداع ؟ وما هي تجليات الأمل واليوتوبيا والخيال والإبداع في حياة الإنسان القديم والمعاصر ؟
اولا معني الأمل:
الأمل هو رغبة الإنسان في حياة أفضل ، واستشرافه لمستقبل ينعم فيه بالحرية والإخاء والمساواة، ويخلو من الإضطرابات والأزمات ويختفي فيه الفقر والعوز والحاجه .
ثانيا تعريف الخيال:
من وجهة نظرنا الخيال هي العملية الذهنية التي يتم فيها تجريد المحسوسات ، والتخيل هو عملية استحضار وتكوين صور الموجودات من حولنا في العقل وإعادة صياغتها بشكل جديد ، ويتم تحقيقها في الواقع بفعل الإبداع .
ثالثا تعريف الإبداع وانواعه:
الإبداع هو خلق وصنع شيئ من لا شيئ ، وهذا هو الإبداع الإلهي ،فالله عز وجل يخلق من العدم بينما الإنسان يصنع من مادة خام ملموسة ،والله عز وجل يخلق بالكلمة كن فيكون و اما الانسان بالجهد والتعب، وهذا هو الفرق بين الإبداع الإلهي والإبداع الإنساني .
رابعا كيف ينتقل الإنسان من الحاجه إلي الأمل ثم الخيال منتهيا بالتطبيق والإبداع ؟وما هي تجليات الامل واليوتوبيا في حياة الإنسان القديم والمعاصر ؟
سنأخذ جولة سريعة في عقل فيلسوف الأمل “آرنست بلوخ”،فلقد رد فيلسوفنا جذور الأمل إلي صرخة الجوع لدي الإنسان وقد ربط الأمل باليوتوبيا ، ولكن اليوتوبيا هنا ممكنة التحقيق وليست محلقة في سماء الخيال ومثالية ،مثل مدينة افلاطون ، فالأمل عند ((آرنست بلوخ)) ولد مع الإنسان وبسبب الحاجه والعوز أصبح الحافز علي العمل ، فالطبيعة تمنحنا الهواء والتربة ولكن الإنسان لايستطيع أن يعيش علي الهواء وحده ،كما أن التربة تحتاج إلي الحرث والغرس والخبز لا ينمو فوق الأشجار .
ففيلسوفنا هنا يريد ان يبين لنا مدي ارتباط الأمل بالعمل ، لولا الامل لما كدحنا وتعبنا في العمل من اجل تلبية إحتياجتنا ولولا الخيال لما استطاع الإنسان ان يخطط وينظم حياته
ويتجلي الأمل واليوتوبيا او الخيال والإبداع من خلال العمل ودوافعنا إليه ، ففي العمل نجد ثلاثي التغيير والتطوير وبناء المستقبل ((الأمل-الخيال-الابداع)).
((الحاجه ام الإختراع )) ففي هذه الجملة نستلهم الخيال ودوره في الأمل وعملية الإبداع ، فلولا الخيال لما استطاع الإنسان اختراع وسائل لتحسين حياته وتحقيق أمله في حياة افضل واجمل عن السابقة ، ولما كان الإنسان البدائي في حاجه إلي مأوي ،فقد استغل خياله وحفر الجبال و بني الكهوف ،واخترع الادوات التي تساعده في احتياجات يومه ، ومن ناحية أخري الإنسان المعاصر الذي طور من حياته بفضل الخيال والابداع ،من مسكنه في تلك المباني التي اصبحت اكثر جمالا و مبنية بطريقة هندسية ، وليس عشوائية.
بل وذهب إلي أبعد من ذلك في تحكمه في المناخ المنزلي ، بإختراع اجهزة التكييف والتبريد لملائمة مناخ الصيف ، واجهزة التدفئة لملائمة مناخ الشتاء ، وكل هذا بفضل ملكة الخيال
ولا يزال حتي الأن يستغل خياله أملا في مستقبل افضل يعمه الخير والسلام ، بعقد معاهدات السلام ، وعالم يتطلع فيما وراء الفضاء بصنع تليسكوبات الاستكشاف التي يتم ارسالها في الفضاء ،آملين اكتشاف حياة اخري او بيئة بديلة تحتوي علي مقومات الحياة .
وختاما به نختم مقالنا بمقولة الدكتور /مصطفي محمود رحمه الله صاحب برنامج العلم والإيمان عندما قال ((اريد لحظة حب ….لحظة اكتشاف …..لحظة اندهاش ….لحظة تجعل لحياتي معني لأن حياتي من اجل لقمة العيش مجرد استمرار ))
فالحياة بلا خيال وإبداع ومعني لا أمل فيها ، وتعتبر مجرد استمرار وهروب من الحقيقة ، وخاوية من الإنتاج والتغيير والتطوير ، ولهذا فكرة الأمل تولد من رحم المعاناة وايضا الخيال والابداع ، وتموت الفكرة ويسود التشاؤم في تربة الرفاهية والحداثة التي اصبح فيها فيها الإنسان هو والآلة شيئا واحدا .
ورغم العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية التي نمر بها إلا ان هناك أمل في استشراف مستقبل جديد، وحتي ان ظل الأمل في إطار اليوتوبيا والخيال ، وكأننا نبحث عن الخلاص بالأمل .
المرجع
الأمل واليوتوبيا في فلسفة أرنست بلوخ، عطيات ابو السعود، مؤسسة هنداوي للنشر، 2021 .