طبيعة السلطة السياسية (مفهوم الدولة)
موضوع الدرس
|
الثانية بكالوريا |
|
مجزوءة السياسة |
|
مفهوم الدولة |
|
الدولة بين الحق والعنف |
|
الأستاذ عادل بن ملوك |
|
محاور الدرس
- تأطير إشكالي للمحور
- الموقف الأول: السلطة السياسية قائمة على الصراع “نيكولا ميكيافلي”
- الموقف الثاني: السلطة السياسية قائمة على مبدأ فصل السلطة “مونتسكيو”
تأطير إشكالي لمحور طبيعة السلطة السياسية
تتخذ السلطة عدة دلالات كالقمع والإكراه والخضوع، وتعرف عادة بأنها القدرة على فرض الطاعة من طرف حاكم(فرد أو مؤسسة..) على محكومين بمعنى أنها تتطلب طرفين ألآمر والمأمور، هذا ما يجعل السلطة ملازمة لدولة كآلية شرعية تُخضِع عن طريقها الأفراد لقوانينها، فما طبيعة هذه السلطة؟ هل هي سلطة واحدة(جمع السلط) أم متعددة( فصل السلط)؟ وهل السلطة السياسية تنشد الديمقراطية أم ترفعها كشعار فقط لتتبنى الاستبداد؟
الموقف الأول: السلطة السياسية قائمة على الصراع
يمثل هذا الموقف نيكولا ميكيافلي “كتاب الأمير”
إن ما يدعو إليه ميكيافلي من خلاله نصائحه للأمير هو نهج سياسة الواقع أي ما هو كائن وليس ما يجب أن يكون، أي يجب فصل السياسة عن الأخلاق، فميدان الحكم ليس مجال للالتزام بالمبادئ الأخلاقية السامية، بل إنه مجال تحايل ومكر، مجال دهاء وشجاعة. (يجب أن تكون أسدا ثعلبا في نفس الوقت؛ أسدا يظهر الشجاعة والمروءة وتعلبا يخفي المكر والخداع). إن المبدأ الأساسي في السياسة هو أن “الغاية تبرر الوسيلة”، فإذا كانت غاية الأمير هي الحكم فالوسيلة إما أن تكون مشروعة (القانون) أو غير مشروعة(القوة)، فالأمير يمكن أن يستند إلى طريقتين في الممارسة والحفاظ على الحكم؛ فالأولى يجب أن يلتزم بالقوانين وغالبا ما تكون هذه الطريقة غير كافية، لكون الناس ليسوا بأخيار، لذا وجب اللجوء إلى الثانية، وهي أن يمارس القوة والتسلط بذكاء ودهاء للحفاظ على الحكم. وبالتالي غاية ممارسة السلطة من طرف الأمير هي الحفاظ على الحكم بالطرق المشروعة و غير المشروعة. تكمن قيمة هذا التصور في نقد نظرية الحق الإلهي(الكنيسة)، أي نقد إدخال الدين في السياسة ليجد الحاكم تبريرات لحكمه واستغلاله للسلطة بادعائه أن تصرفاته تنسب إلى الله الذي فوض له تسيير شؤون الأفراد كما يشاء.(تغليف السياسة بغلاف ديني).
الموقف الثاني: السلطة السياسية قائمة على مبدأ فصل السلط
يمثل هذا الموقف بارون دي مونتسكيو “كتاب روح القوانين”
يميز بين ثلاثة أنواع من السلطة: الأولى: سلطة تشريعية تتمثل في البرلمان وظيفتها تشريع ووضع القوانين. والثانية: سلطة تنفيذية تتمثل في الحكومة وظيفتها تنفيذ القوانين والسهر عليها. والثالثة: قضائية تتمثل وظيفتها في إصدار الأحكام وتطبيقها وممارستها، وهذه الأخيرة حسب مونتسكيو هي الكفيلة بضمان الأمن والحماية للأفراد. إن الهدف من فصل السلط هو عدم تدخل سلطة في اختصاصات سلطة أخرى حتى يتأتى لكل واحدة أن تقوم بالدور المنوط بها لتحقيق نوع من الحياد في الأحكام بصفة عامة، وتجنب الاستبداد والطغيان. إن فصل السلط لا يعني أن هناك انفصال تام بل أن كل واحدة تكمل الأخرى. وبالتالي فالغاية من فصل السلط هو تحقيق مبدأ الديمقراطية وتجنب الاستبداد والطغيان. تكمن قيمة هذا التصور في نقد أنظمة احتكار السلطة في يد شخص واحد، قيمته تتمثل في نقد الاستبداد والتأسيس للديمقراطية، لكن هل فعلا يمكن للديمقراطية في صورته الكلاسيكية (حكم الشعب نفسه بنفسه) أن تضمن للأفراد حقوقهم؟ أليس باسم الديمقراطية (صناديق الاقتراع) صعد الأغبياء والسفاحين والجهال للحكم؟ هل لازلنا في حاجة لمثل هذه الديمقراطية أم يجب أن ننشد الديمقراطية التشاورية والتشاركية أم حتى هذه الأخيرة مجرد شعارات؟