صدور المجلة الفلسفية الرقمية: حكمة د زهير الخويلدي
زهير الخويلدي أستاذ مبرز وكاتب فلسفي وباحث أكاديمي – تونس
” يشعر الجميع بشكل مرتبك أن العلوم الإنسانية مفيدة ليس فقط للإنسان، ولكن للعالم نفسه”
صدر خلال شهر أوت من سنة 2020 العدد الأول من مجلة حكمة في صيغة رقمية تحت عنوان “الفلسفة أم العلوم” ويتضمن جملة من المحاور والملفات تتعلق بالفلسفة الأولى والطب والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والعلوم التجريبية والرياضيات والفيزياء واللغويات والأخلاق النفعية والابداع الجمالي والآداب والسياسة.
تعتبر هذه المجلة الرقمية تجربة مختلفة للفيلسوف التونسي يضع فيها تصوراته التجديدية وأفكاره الثورية ويحرك فيها السواكن ويغادر المألوف ويقطع مع المكرور ويعيد التفكير في المسلمات التي ركن اليها الذهن ويقترح عبرها الكلام بصوت عالي عن الطفرة المعرفية والتحول الرقمي والعلوم العرفانية والفلسفة العصبية.
لقد وقع الاختيار على اسم حكمة وذلك لارتباطه بالأصل الاشتقاقي الاغريقي للفلسفة من حيث هي بالأساس حب الحكمة وأيضا بالنظر الى اقترانه بالمعنى العربي الذي يتوزع الى حكمة نظرية وعملية وذوقية تجد تحققها في العقل والإرادة والاحساس وتؤكد على أهمية المسألة اللغوية في نحت الرموز والعلامات والمعاني.
لقد رافق العنوان : حكمة شعار ثان هو أم العلوم وهو تعريف أرسطي ضمن تأليفية هيلينية أصبحت عند العرب والمسلمين واليهود والمسحيين واللاتين مدرسة مشائية قائمة الذات ولكن يشير الى البدء الجديد مع أدموند هوسرل الذي اعتبرها ملكة العلوم وإنقاذ للمعنى ومع مارتن هيدجر الذي جعلها تساؤل خارق للعادة.
ولقد كانت من اعداد الدكتور زهير الخويلدي وجعلها تعتنى بالنقد الثقافي للواقع والتحليل المفهومي للنصوص وتقوم بعرض تحليلي تقييمي للعلوم الانسانية والمعارف الحيوية والنظريات المعاصرة والتقنيات المنهجية، ويرى أن المجلة الفلسفية هي مواصلة للمشروع الحضاري الذي صاغ حكماء الضاد لبناته الأولى وتنهل من ينابيع العلوم المعاصرة وتسعى الى تغيير الواقع الاجتماعي وتحيين للفكر العربي بالمنجز المعرفي الراهن.
يمكن أن تكون هذه المجلة الفلسفية الرقمية مجموعة من التطبيقات الفلسفية التي تتعامل مع النصوص والأحداث والوقائع كمنطلق للقراءة والتفسير والتأويل وتمهد الطريق للمختصين والعارفين والأكاديميين لكي يشكلوا رؤى موسوعية ونظرة شاملة وأفكار توجيهية ونماذج ارشادية ومعارف ناظمة بغية التغلب على التشتت والانفصال والتباعد وتكون ملتقى للمعارف والفنون والآداب والنظريات ومرآة عاكسة للمنعطفات.
فهذا بيان فلسفي رقمي للنقاد والعلماء والمختصين عسى أن يعيدوا للعلم ضميره وللسياسة قيمها وللفلسفة بريقها وللاقتصاد نجاعته وللتقنية قدرتها على التغيير وللتصنيع الذكاء الذي يحترم البيئة وللحياة صحتها وديمومتها.