اُلْقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس فِي مَقُولاَتِ أَرُسْطُو اُلْعَشْرِ اُلْمَنْسُوبِ إِلَى اُلْقِدِّيسِ أُوغُسْطِينُوس

  1. اُلْقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس
  2. فِي مَقُولاَتِ أَرُسْطُو اُلْعَشْرِ اُلْمَنْسُوبِ إِلَى اُلْقِدِّيسِ أُوغُسْطِينُوس
  3. تَعْرِيبُ لطفي خير الله والإِشَارَاتُ مِنْهُ
  4. عَنِ اُلتَّرْجَمَةِ اُلْفِرَنْسِيَّةِ مِنَ اُللاَّتِينِيَّةِ
  5. تونس، رمضان 1442- أفريل 2021
اُلْقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس*
فِي مَقُولاَتِ أَرُسْطُو اُلْعَشْرِ اُلْمَنْسُوبِ إِلَى اُلْقِدِّيسِ أُوغُسْطِينُوس**
بِسْمِ اللهِ اُلرَّحْمَنِ اُلرَّحِيمِ
تَنْبِيهُ اُلْمُتَرْجِمِ اُلْفَرَنْسِيِّ
تَنْبِيهٌ فِي شَأْنِ هَذِهِ اُلرِّسَالَةِ
اِعْلَمْ أَنَّا قَدْ رَاجَعْنَا اُُلنَّظَرَ فِي هَذِهِ اُلرِّسَالَةِ اُلْمَوْسُومَةِ بِاُلْمَقُولاَتِ اُلْعَشْرِ فِي نُسَخٍ سَبْعٍ، وَوَاحِدَةٌ مِنْهَا هِيَ عَتِيقَةٌ جِدًّا وَمَوْجُودَةٌ فِي مَكْتَبَةِ سَانْ جَرْمَانْ، قَدْ كُتِبَ فِي أَوَّلِهَا هَذَا “تَوْطِئَةُ أَلْكِيُونِيُوسْ إِلَى كَارُولِيُوسْ أُوغُسْطُسْ فِي أَمْرِ اُلْمَقُولاَتِ اُلْعَشْرِ لِأُوغُسْطِينُوس : إِنَّ هَذَا اُلْكِتَابَ اُلصَّغِيرَ قَدْ ضَمَّ الأَلْفَاظَ اُلْعَشْرَ اُلدَّالَةَ عَلَى اُلطَّبِيعَةِ. وَاُلْعَجِيبُ أَنَّهَا قَدْ أََحَاطَتْ بِكُُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ تَصَوُّرِ اُلْعَقْلِ. فَلِيَكُنْ مِنْ كُلِّ ذِي اِطِّلاَعٍ عَلَيْهِ اِسْتِحْسَانٌ لِفِطْنَةِ اُلْقُدَامَى اُلْفَرِيدَةِ، وَلِيَجْتَهِدْ فِي صَقْلِ قَرِيحَتِهِ وَتَهْذِيبِهَا بِمِثْلِ هَذَا الأَثَرِ، عَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زِينَةً كَرِيمَةً تُحَلِّي مَا كُتُبِ لَهُ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِهِ. وَأَمَّا اُلْعَلاَّمَةُ أُوغُسْطِينُوس فَكَانَ قَدْ رَامَ أَنْ يَسْتَخْرِجَ هَذَا اُلْكِتَابَ مِنْ بَيْنِ كُنُوزِ الإِغْرِيقِ اُلْقُدَامَى نَاقِلاً إِيَّاهُ إِلَى اُللِّسَانِ اُللاَّتِينِيِّ. فَهَا أَنَا ذَا، أَيُّهَا اُلْمَلِكُ اُلْعَظِيمُ، وَاُلْمُؤْثِرُ لِلْحِكْمَةِ وَاُلْمُحِبُّ لَهَا، أَبْعَثُ إِلَيْكُمْ بِهَذَا اُلْكِتَابِ، فَلَأَنْتُمُ مِمَّنْ مِثْلُ هَذِهِ اُلْعَطَايَا إِنَّمَا تُبْهِجُهُ وَتَسُرُّهُ كَثِيرًا.” (مَقُولاَتُ أَرُسْطُو اُلْمَنْقُولَةُ مِنَ اُلْيُونَانِيَّةِ إِلَى اللاَّتِينِيَّةِ، بِنَقْلِ أُوغُسْطِينُوس.)
وَأَمَّا نُسْخَةُ مِيكَايِيلِينِيُوسْ وَطَبْعَةُ أَمَارِبَاكِيَانِيُوسْ، فَقَدِ اِشْتَمَلَتَا عَلَى الأَبْيَاتِ بِعَيْنِهَا لَكِنَّهُمَا خَلَتَا مِنْ هَذَا اُلْعُنْوَانِ : تَوْطِئَةُ أَلْكِيُونِيُوسْ إِلَى… وَظَنِّي أَنَّ هَذِهِ اُلرِّسَالَةَ بِعَيْنِهَا هِيَ اُلْمُلْمَعُ إِلَيْهَا أَيْضًا فِي اُلْمَقَالَةِ الأُولَى مِنْ أَخْبَارِ أُودُونَاسْ رَئِيسِ اُلدَّيْرِ بِكُلُونِيَاسُونْس، بِهَذِهِ اُلْكَلِمَاتِ : 

“وَفِي ذَلِكَ اُلْوَقْتِ أَتَى أُودُونَاسْ بَارِيسِيُوسْ حَيْثُ أَتَمَّ قِرَاءَةَ كِتَابِ اُلْجَدَلِ بِحَذَافِيرِهِ، وَهْوَ اُلْكِتَابُ الَّذِي كَانَ أُوغُسْطِينُوس قَدْ بَعَثَ بِهِ إِلَى اِبْنِهِ أَدِيُودُتُوسْ. وَكَانَ قَدْ أَدْمَنَ نَظَرَهُ أَيْضًا فِي مَارِسِيَانِيُوسْ حَتَّى يَكْتَسِبَ مَعْرِفَةً بِاُلصِّنَاعَاتِ اُلشَّرِيفَةِ، مُتَّخِذًا فِي ذَلِكَ رِيمِكْس مُعَلِّمًا لَهُ.”

إِذًا، فَقَدْ كَانَ يُظُنُّ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ بِأَنَّ صَانِعَ هَذِهِ اُلرِّسَالَةِ هُوَ اُلقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس الَّذِي لَيْسَ أَحَدٌ يَجْهَلُ بِأَنَّ اُلْقُُدَامَى قَدْ نَحَلُوهُ تَأْلِيفَ كُتُبٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ. ثُمَّ إِنَّ اُلْقِدِّيسَ أُوغُسْطِينُوس لَمْ يُشِرْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ قَطُّ فِي أَمْرِ اُلْمَقُولاَتِ، وَلاَ نَلْفَى لَهُ نَحْنُ فِي هَذِهِ اُلرِّسَالَةِ خَوَاصَّ اُلطَّرِيقَةِ اُلْمَذْكُورَةِ آنِفًا لِكِتَابِ اُلْجَدَلِ وَاُلْمُنَبَّهِ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ اُلتَّبَرُّأ : حَيْثُ قَالَ إِنَّهُ قَدْ صَاغَ هَذَا اُلْكِتَابَ بِنَمَطِ اُلْمُحَاوَرَةِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ فِي بُلُوغِ، أَوْ فِي اُلْعُرُوجِ إِلَى اُلرُّوحَانِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ اُلْجِسْمَانِيَّاتِ. وَلَكَ أَنْ تَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ اُلرِّسَالَةِ هُوَ كَلِفٌ جِدًّا بِمَقُولاَتِ أَرُسْطُو، فَهْوَ يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ فَقِهَهَا بَعْدَ مُثَابَرَةٍ وَكَدٍّ، وَبِدَلاَلَةٍ مِنَ اُلْفَيْلَسُوفِ ثَامِسْطُيُوسْ. وَأَمَّا اُلقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس فِي اُلْفَصْلِ اُلرَّابِعِ عَشَرَ مِنَ اُلْمَقَالَةِ اُلْخَامِسَةِ مِنْ كِتَابِ اُلْقَوْلُ فِي اُلرَّدِّ عَلَى جُولِيَانُوسْ، فَهْوَ يَعِيبُ عَلَى هَذَا اُلْمُبْتَدِعِ شَغَفَهُ اُلْمُسْرِفَ بِمَقُولاَتِ أَرُسْطُو. وَكَانَ قَدْ أَخْبَرَ أَيْضًا فِي اُلْفَصْلِ اُلسَّادِسَ عَشَرَ مِنَ اُلْمَقَالَةِ اُلرَّابِعَةِ مِنْ كِتَابِ اِعْتِرَافَاتِي أَنَّهُ قَدْ وَقَفَ عَلَى أَغْرَاضِ اُلْمَقُولاَتِ بِيُسْرٍ وَ بِلاَ مَعُونَةِ مُعَلِّمٍ. ثُمَّ إِنَّ اُلقِدِّيسَ أُوغُسْطِينُوس إِنَّمَا هَوَاهُ إِلَى أَفْلاَطُونَ عَلَى أَرُسْطُو، كَمَا لَكَ أَنْ تَتَبَيَّنَهُ فِي اُلْفَصْلِ اُلثَّانِي عَشَرَ مِنَ اُلْمَقَالَةِ اُلثَّامِنَةِ مِنْ كِتَابِ مَدِينَةِ اُللهِ. وَأَمَّا صَاحِبُ اُلرِّسَالَةِ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ يُؤْثِرُ أَرُسْطُو عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ فِي الأَكْثَرِ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِاُلْخُصُوصِ مُسْتَعْمِلاً اِسْمَ اُلْعُمُومِ اُلْفَيْلَسُوفَ. وَأَخِيرًا فَإِنَّا لَسْنَا نَجِدُ كَمَا فِي اُلْكُتُبِ اُلْمَنْشُورَةِ، اِسْمَ أَدِيُودُتُوسْ، مَكْتُوبًا بَعْدَ اُلْمُنَادَى أَيَا بُنَيَّ، بَلْ يَدٌ غَرِيبَةٌ قَدْ كَتَبَتْهُ إِمَّا فِي اُلْحَاشِيَةِ، أَوْ فِيمَا بَيْنَ الأَسْطُرِ.
* اُلْقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُوس (354- 430) أُسْقُفُ هِيبُونَ فِي إِفْرِيقِيَّةَ، مِنْ آبَاءِ اُلْكَنِيسَةِ اللاَّتِينَ، وَخَطِيبٌ وَوَاعِظٌ، كَانَ قَدْ جَاهَدَ اُلْبِدَعَ اُلْمَانِيَّةَ وَاُلدُّونَاتِيَّةَ وَاُلبَلاَجِيَّةَ وَالآرِيَّةَ. مِنْ أَعْرَفِ آثَارِهِ : “اِعْتِرَافَاتِي” وَ “مَدِينَةُ الله”.
 ** Saint Augustin, œuvres complètes, tome quatrième, Paris 1873.

إغلاق