موضوع الدرس: مفهوم الوعي – المحور الثاني: الوعي واللاوعي
الفئة المستهدفة |
السنة الأولى من سلك البكالوريا |
المجزوءة |
مجزوءة ما الإنسان؟ |
المفهوم |
مفهوم الوعي |
المحور الثاني |
محور الوعي واللاوعي |
محاور الدرس:
- أولا: تأطير إشكالي للمحور
- ثانيا: تحليل نص سيغموند فرويد
- ثالثا: مناقشة موقف سيغموند فرويد
أولا: التأطير الإشكالي لمحور الوعي واللاوعي
إن البحث في الوعي الإنساني، لا يستقيم إلا من خلال البحث أيضا في مفهوم آخر، ألا وهو مفهوم اللاوعي. والذي يجعل البحث في قضية اللاوعي بحثا مشروعا، هو أننا نجد الكثير من الأقوال والأفعال والسلوكات التي يقوم بها الإنسان هي سلوكات يلفها الغموض، خذ مثالا لذلك الأحلام وفلتات اللسان، ومثال السلوكات التي تصدر عنا في لحظات الغضب والإنفعال. فكيف يمكن إذن تفسير مثل هذه السلوكات والأفعال؟ هل تعود إلى جانب لاواعي فينا؟ وإذا كان الأمر كذلك؛ فأي من الوعي واللاوعي يحكم الذات ويوجه أفعالها وتصرفاتها؟ وهل يمكن القول بلاوعي يوجه الجماعات ككل وليس فقط الأفراد؟
ثانيا: تحليل نص سيغموند فرويد
تأطير نص سيغموند فرويد:
يدخل النص ضمن الكتابات السيكولوجية، ويعود لعالم النفس، ومؤسس اتجاه علم النفس التحليلي، النمساوى سيغموند فرويد، مؤلف “تفسير الأحلام”، و”قلق في الحضارة“
إشكال النص:
- ما أساس الحياة النفسية للفرد هل هو الشعور أم اللاشعور؟
أطروحة النص:
يؤكد عالم النفس سيغموند فرويد في هذا النص أن أساس الحياة النفسية للفرد هو اللاشعور.
تحليل الأطروحة:
1- التحليل المفاهيمي للأطروحة
تتشكل الأطروحة خاصة والنص عموما من بنية مفاهيمية وجب الوقوف عندها لفهم وتحليل موقف صاحب النص، إضافة إلى مفاهيم أخرى أساسية يتضمنها النص، ولعل أبرز تلك المفاهيم ما يلي:
- اللاشعور: يأتي في مقابل الشعور، ويدل على تلك الدوافع والميولات التي تم كبحها ولم يتم تحقيقها، وينظر إليه فرويد باعتباره الأساس العام للحياة النفسية، وأوسع منطقة التي تضم بين جوانبها منطقة الشعور
- الشعور: يدل على ذلك الجانب الواعي من العمليات العقلية والسيكولوجية.
- المخاوف الهستيرية: اضطرابات نفسية عصابية تعبر عن علاقات اضطراب في شخصية الفرد وهي تعبيرات جسدية.
- الحلم: تصوير رمزي للجسد، ناتج عن تخيلات لاشعورية.
2- التحليل الحجاجي للأطروحة وللنص:
يتشكل النص من بنية حجاجية وجب الوقوف عندها لفهم منطق النص ولتثمينه أو نقده، وهذه البنية هي ما سنوضحه عبر ما يلي:
- الدحض والنقد: دحض ونقد المواقف التي بالغت في تقدير خاصية الشعور مقابل خاصية اللاشعور.
- الافتراض: افتراض أن اللاشعور هو الأساس العام للحياة النفسية.
- العرض والتفسير: تفسيره لموقفه القائل بكون اللاشعور هو الأساس العام للحياة النفسية بقوله أن اللاشعور هو أوسع منطقة والتي تضم إلى جانبها منطقة الشعور التي هي أضيق نطاقا.
- المثال: حيث استحضر مثال الحلم لإثبات الوجود النفسي اللاشعوري، وكيف أن الحلم يرتبط بالتفكير اللاشعوري.
- المثال: حيث استحضر مثال المخاوف الهستيرية كمثال للحياة النفسية، وكيف أنها ترتبط بالتفكير اللاشعوري.
خلاصة موقف سيغموند فرويد
يتضح بعد تحليل نص سيغموند فرويد أن هذا الأخير يؤكد أن اللاشعور هو أساس الحياة النفسية للفرد، وأنه أوسع نطاقا، بينما لا يشكل الشعور إلا الجزء الضئيل منها. وقد وقف سيغموند فرويد عند مجموعة من الأمثلة وخاصة منها المتعلقة بالحياة النفسية، كمثال الحلم في شقيه الواعي (أحلام النوم) واللاواعي (أحلام اليقظة) ومثال المخاوف الهستيرية، وذلك ليبين كيف أن الذات الإنسانية خاضعة لبنيات لاشعورية هي التي توجهها وتتحكم فيها وتوجهها.
ثالثا: مناقشة نص وموقف سيغموند فرويد:
قيمة وحدود موقف سيغموند فرويد
لقد شكل موقف سيغموند فرويد ونظريته في اللاشعور نقلة نوعية وخاصة في تاريخ علم النفس، حيث يعود له الفضل في إرساء مفهوم اللاشعور، وأيضا في تأسيس علم النفس التحليلي. إضافة إلى ذلك فموقفه له قيمته الفكرية حيث حاول جاهدا إعادة الإعتبار للحياة الباطنية للانسان، وأيضا، فموقفه ذو بعد حقوقي، حيث أصبحنا ندرك كيف أن مكان المجانين والحمقى ليس هو السجن، وإنما المصحات النفسية.
لكن الإقرار بالقيمة الفلسفية أو الفكرية أو الحقوقية لا يمنعنا من المساءلة النقدية لتصور فرويد، وهو الأمر الذي يستقيم ومبادئ التفكير الفلسفي كتساؤل ونقد. وهنا يمكن أن نقول، أن من بين ما يعاب على نظرية اللاشعور هو نظرتها للذات الإنسان على أنها ذات مشطورة إلى شطرين، وأيضا إرجاعها كل السلوكات الإنسانية إلى الرغبات والدوافع الغريزية المكبوتة، إضافة إلا مبالغته وتضخيمه للدافع الجنسي أو ما يسميه بالطاقة الليبيدية، فنجده مثلا يقول أن مص الطفل لثدي أمه هو من أجل اللذة وليس من أجل التغذية، وهذا القول يجعل من الإنسان مجرد حيوان مدفوع برغباته ومكبوتاته. ويمكن أن نعرض لموقف آلان (إميل شارتيي) كواحد من المواقف التي انتقدت نظرية اللاشعور.
موقف آلان (إميل شارتيي)
في كتابه مبادئ الفلسفة، ذهب الفيلسوف الفرنسي آلان إلى نقد نظرية اللاشعور الفرويدية (نسبة إلى فرويد)، مؤكدا أن هذه الأخيرة قد ارتكبت جملة من الأخطاء، وخاصة في محاولتها لتفسير السلوك الإنساني. ففي كتابه المذكور، أكد أن نظرية اللاشعور تجعلنا نعتقد في وجود أنا آخر، أنا غير هذا الأنا الذي ندركه ونعيه، أي أنا آخر له أهواؤه وحيله… لكن الأمر ليس كذلك؛ فالذات هي عبارة عن وحدة كلية لا تنقسم إلى شطرين، وهذه الذات هي الذات الفاعلة، أي الشخص المتكلم. وفي ذات السياق، يقدم آلان مثالا يمكن من خلاله نقد نظرية اللاشعور، وهو مثال الخوف، مؤكد أن القول بكون الخوف مرتبط بما هو لا شعوري يجعل الطبيعة الإنسانية لا شعورية بقدر ما تكون الغريزية لا شعورية، لكن الغريزة ليس كذلك. ولمزيد من التوضيح، توضيح نقد ألان لفرويد، يمكن استحضار قول آلان التالي: “اللأوعي هو احتقار للأنا وعبادة للجسد”، وقوله: “الفرويدية الذائعة الصيت هي فن اختراع حيوان مخيف داخل كل إنسان من خلال علامات عادية“،
خلاصة تركيبية لمحور الوعي واللاوعي:
لقد شكل الوعي في علاقته باللاوعي إشكالا ومأزقا فلسفيا وسيكولوجيا، وخاصة فيما يتعلق بالأولية والقوة. وبخصوص تلك الإشكالات نجد أن هناك من يؤكد على أهمية وأولوية وقوة وسلطة اللاوعي/اللاشعور، نذكر على سبيل المثال لا الحصر عالم النفس سيغموند فرويد. كما نجد أن هناك من يؤكد على كون الذات هي ذات واحدة غير منشطرة إلى شطرين شعوري ولاشعوري، وعي ولاوعي. وأن وهذه الذات هي الفاعلة، أي الشخص المتكلم. هذا الموقف الأخير يؤكده الفيلسوف الفرنسي آلان. وسواء قلنا بأولية الوعي أو بأولوية اللاوعي، فلهذا الإشكال قيمته، والتي تكمن في دفعنا لمحاولة تفسير السلوك الإنساني، والبحث في ماهية الأنسان، وأيضا في كون هذا الإشكال يفتحنا على إشكالات أخرى من بينها إشكال حرية الإنسان، إشكال طبيعة الإنسان، إشكال هوية الإنسان، إضافة إلى إشكال علاقة الوعي بالواقع والذي يكن أن نعبر عنه بالشكل الآتي: إذن: ما طبيعة العلاقة بين الوعي و الواقع؟ هل هي علاقة مطابقة وتماهي أم هي علاقة تزييف وتشويه؟ هل الوعي هو وعي حق بالواقع أم هو وعي مشوه؟
دروس أخرى مقترحة في مفهوم الوعي