موقف إيمانويل مونييه – الشخص بين الضرورة والحرية
محاور الموضوع
- أولا: تعريف إيمانويل مونييه
- ثانيا: نص الحرية بشروط لإيمانويل مونييه
- ثالثا: موقف إيمانويل مونييه من حرية الشخص
أولا: تعريف إيمانويل مونيي
إيمانويل مونيي Emmanuel Mounier فيلسوف وكاتب فرنسي معاصر، عاش بين سنة 1905 وسنة 1950. وقد عرف مونيي بتطويره لمفهوم الشخصنة والشخصانية.
من مؤلفات إيمانويل مونييه نذكر:
- الثورة الشخصانية والجماعية 1935
- حرية تحت الشروط 1946
- ماهية الشخصانية 1947
- الشخصانية 1949.
ثانيا: نص الحرية بشروط لإيمانويل مونيي
حرّية الإنسان هي حرّية شخص، وحرّية هذا الشخص بالذات، وكما هو مركّب وموجود في ذاته وفي العالم وأمام القيم. وهذا يستلزم أن تكون هذه الحرّية ملازمة إجمالا لوضعنا الواقعي، ومحصورة في نطاق حدوده. أن تكون حرّا هو أن تقبل في البدء، هذه الظروف لتجد فيها ارتكازا، ليس كلّ شيء ممكنا، ولا هو كذلك في كلّ لحظة. هذه الحدود تشكّل قوّة عندما لا تكون ضيّقة جدّا. الحرّية كالجسم، لا تتقدّم إلاّ بالحواجز والاختيار والتضحية. ولكن فكرة المجانية هنا هي فكرة وجود غني، والحرّية في شروط ملزمة، ليست من الآن فصاعدا “وعيا للضرورة”، كما سمّاها “ماركس”. إنّ هذا هو البداية، لأنّ الوعي هو وعد وبادرة للتحرّر[1]. ووحده العبد من لا يرى عبوديته، مهما كان سعيدا تحت سلطتها. إلاّ أنّ هذا البدء هو بالكاد إنساني. ولذلك فقبل إعلان الحرّية في الدساتير أو تمجيدها في الخطابات، علينا تأمين الشروط العامة للحرّية: الشروط البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تسمح لقوى ذات مستوى متوسّط أن تشارك في أعلى نداء للإنسانية، وأن نهتمّ بالحرّيات اهتمامنا بالحرّية (…). إنّ حرّيتنا هي حرّية إنسان في موقف، وهي كذلك حرّية شخص تعطى له قيمة. أنا لست حرّا لأنّي أمارس عفويتي فقط، بل أصبح حرّا عندما أوجّه هذه العفوية في اتّجاه التحرّر أي في اتّجاه شخصنة[2] العالم ونفسي. إذن ثمّة مسافة تمتدّ من الوجود المنبثق إلى الحرّية، وهي التي تفصل بين الإنسان الباطني على حدود الانبثاق الحيوي، والإنسان الذي ينضج باستمرار بأفعاله وفي الكثافة المتزايدة للوجود الفردي والجماعي. وهكذا فأنا لا أستعمل حرّيتي بدون جدوى، بالرغم من أن النقطة التي ألتحم فيها بتلك الحرّية متباعدة في أعماق ذاتي، وليست حرّيتي تدفّقا فحسب، بل هي منظّمة، أو بعبارة أفضل هي مطلوبة بنداء. إمانويل مويني، الشخصانية، المنشورات الجامعية الفرنسية، 1995، ص: 71-74 |
- ورد النص بالكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة – الثانية بكالوريا
ثالثا: موقف إيمانويل مونييه من حرية الشخص
يؤكد إمانويل مونييه أن حرية الإنسان ككل ما هي إلا حرية شخص، وأن الحرية ملازمة للوضع الواقعي ومحصورة في نطاق حدوده، وبهذا فالحرية ليست حرية مطلقة. لذلك وجب أولا القبول بالظروف الأولية، لأنه ليس كل شيء ممكنا، وبعد ذلك البحث عن التحرر من خلال الإختيار والتضحية، وهنا يتضح كيف أن الحرية مرتبطة بالحواجز، فلا يمكن حسب مونييه الحديث عن حرية دون وجود حواجز، حيث يقول: هذه الحدود تشكل قوة عندما لا تكون ضيقة جدا. ولزيادة الإيضاح يمكن الوقف عند بعض المفاهيم المركزية في فلسفة مونييه والتي من بينها نجد مفهوما التحرر والشخصنة. أما بخصوص التحرر، فيعني أن الحرية ليست معطاة إنما هي فعالية، وأما بخصوص الشخصنة فهي عملية يقوم بها الكائن البشري حتى يصل إلى مرحلة الإنسان بالإنفتاح على المثل العليا وعلى المجتمع وعلى العالم.
هكذا إذن يتبين لنا وفق منظور الفيلسوف الفرنسي إيمانويل مونيي، أن حرية الإنسان ليست بالحرية المطلقة، بل هي حرية مشروطة، وأن الذي يمنح إمكانية التحرر هو وجود الحواجز والإشراطات والضرورة, إن مونييه هنا قد ابتعد بمفهوم الحرية من ما هو ميتافيزيقي إلى ما هو واقعي.