نص السؤال في الفلسفة – طه عبد الرحمن

محاور الموضوع:
  • أولا: تعريف طه عبد الرحمان
  • ثانيا: نص السؤال في الفلسفة لطه عبد الرحمان 

معاينة تحليل النص

تعريف طه عبد الرحمان

طه عبد الرحمان مفكر مغربي معاصر، ولد سنة 1944 بمدينة الجديدة، من مؤلفاته  طه عبد الرحمان:
  • “اللغة والفلسفة”
  •  “فقه الفلسفة”
  • ” سؤال الأخلاق”.

نص طه عبد الرحمان السؤال في الفلسفة

لم تشتهر الفلسفة بشيء مثل اشتهارها بممارسة السؤال، ولم يطبق المشتغلون بها على شيء إطباقهم على هذا الصنف؛ لكن ما أن نتأمل هذه الحقيقة قليلا، حتى نتبين أن السؤال الفلسفي لم يكن شكلا واحدا، و إنما كان أشكالا اختلفت باختلاف أطوار هذه الممارسة؛ ولا يخفى أن أبرز هذه الأشكال شكلان اثنان: السؤال القديم الذي اختص به الطور اليوناني، والسؤال الحديث الذي ميز الطور الأوربي.
أما السؤال الفلسفي اليوناني القديم، فقد كان عبارة عن فحص؛ ومقتضى الفحص أن يختبر السائل دعوى محاوره بأن يلقي عليه أسئلة تضطره إلى أجوبة تؤول في الغالب إلى إبطال دعواه؛ وخير شاهد على هذا الفحص الفلسفي ممارسة ” سقراط” للسؤال؛ فقد كان دأبه أن يبادر أحد مواطنيه بسؤال عام عن مفهوم مأخوذ من مجال الأخلاق على الخصوص، حتى إذا تلقى منه جوابا معينا، ألقى عليه مزيدا من الأسئلة الواضحة التي لا يجد المحاور بدا من الرد عليها بالإيجاب، معتقدا أن هذا الرد لا يضر في شيء جوابه الأول؛ فإذا فرغ “سقراط” من أسئلته التي تطول وتتشعب، مضى إلى الجمع بين أجوبة هذا المحاور المختلفة، مبرزا التناقض الصريح بين جوابه الأول وأجوبته الاضطرارية اللاحقة.
وأما السؤال الفلسفي الأوربي الحديث، فهو عبارة عن نقد؛ ومقتضى النقد هو أن يسلم الناظر بأية قضية ـ كائت ما كانت ـ حتى يقلبها على وجوهها المختلفة، ويتحقق من تمام صدقها، متوسلا في ذلك بمعايير العقل وحدها؛ والفرق بين النقد و الفحص هو أن الأول يوجب النظر في المعرفة ويقصد الوقوف عند حدود العقل، في حين أن الثاني يوجب الدخول في الحوار ويقصد إفحام المحاور؛ وخير مثال على هذا النقد فلسفة ” كانط” حيث إنه ذهب به إلى أقصى مداه، فلم يقف عند حد التساؤل عن موضوعات المعرفة، بل تعداه إلى التساؤل عن شرائط المعرفة، جاعلا العقل نفسه موضع تساؤل ـ لا المعارف التي يتوصل إليها فحسب ـ حتى سمي قرنه بقرن النقد؛ وأخذ الفلاسفة من بعده يحتذون إلى يومنا هذا حذوه في كل ما يخوضون فيه من الموضوعات، ويشتغلون به من المشكلات إلى أن أضحت هذه الممارسة النقدية تشمل كل شيء ولا تستثني إلا نفسها، وأضحينا معها لا نكاد نحصي الأعمال التي تحمل في عنوانها لفظ ” النقد”.

طه عبد الرحمان، الحق العربي في الإختلاف الفلسفي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى الدار البيضاء 2002، ص 13-14

 

إغلاق