نص كلود ليفي ستراوس: مشكلة التمييز بين الطبيعة والثقافة

المحاور: 

أولا: تعريف كلود ليفي ستراوس

ثانيا: نص كلود ليفي سترواس حول التمييز بين الطبيعة والثقافة

أولا: تعريف كلود ليفي ستراوس

كلود ليفي ستراوس:  هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، ولد سنة 1908، قام بتحليل الثقافات  القديمة غير الغربية، درس الأساطير والنظم الثقافية وقارن فيما بينهما. من أهم أعماله: “الأنثروبولوجيا البنيوية”، “البنى الأولية للقرابة”.

ثانيا: نص كلود ليفي ستراوس حول مشكلة التمييز بين الطبيعة والثقافة

إن التمييز بين الطبيعة وحالة المجتمع، في غياب دلالة تاريخية مقبولة، يقدم قيمة منطقية تبرر، بشكل تام، استعماله كأداة منهجية من طرف علم الاجتماع الحديث. فالإنسان كائن بيولوجي، وهو في الآن ذاته، فرد اجتماعي. ومن بين الاستجابات التي يقدمها للمثيرات الخارجية أو الداخلية، نجد بعضها، يرجع كليا إلى طبيعة الإنسان، بينما البعض الآخر، يعود إلى وضعه الاجتماعي: وهكذا لن نجد أية صعوبة عند البحث عن مصدر الفعل المنعكس لرفة العين أو للوضعية التي تكون عليها يد الفارس بمجرد إمساكها بالعنان. لكن التمييز السابق ليس دائما أمرا سهلا: فأحيانا يستدعي المثير الفزيائي – البيولوجي والمثير النفسي – الاجتماعي، ردود أفعال من نمط واحد. ويمكن أنذاك أن نتساءل – كما فعل  “لوك”  من  قبل – هل خوف الطفل من الظلام يفسر بإرجاعه إلى طبيعته الحيوانية، أم إلى سماعه حكايات مربيته، أكثر من ذلك نجد في أغلب الحالات الأسباب غير متمايزة واقعيا. فجواب الذات، كسلوك، يعبر عن اندماج تام بين المصادر البيولوجية والمصادر الاجتماعية. وينطبق هذا الأمر على موقف الأم اتجاه طفلها، أو على الانفعالات المعقدة لمشاهدة عرض عسكري.
إن نفي هذا التعارض، أو عدم تقدير قيمته، يمنع كل فهم للظواهر الاجتماعية، لكن عند إعطاء ذلك التعارض كامل بعده المنهجي، قد ننزلق إلى جعل مسألة الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة لغزا لا يمكن حله: فأين تنتهي الطبيعة؟ وأين تبدأ الثقافة؟ يمكن أن نتصور عدة طرق للإجابة عن هذا السؤال المزدوج، غير أنه اتضح إلى الآن أن كل هذه الطرق قد خيبت الآمال بشكل كبير
لم يسمح إذن أي تحليل واقعي بادراك نقطة الانتقال من وقائع الطبيعة إلى وقائع الثقافة وآلية تَمَفّصُلِهِمَا. بيد أن النقاش السابق لم يفض بنا إلى هذه النتيجة السلبية فقط، بل أمدنا عن طريق وجود قاعدة أو غيابها في السلوكات تنفلت من التحديدات الغريزية، بالمعيار الأكثر ملائمة للمواقف الاجتماعية. فحيث تًبرُزُ القاعدة، فنحن على يقين بأننا على صعيد نظام الثقافة. وبصورة متماثلة، من السهل معرفة الكوني أو العام هو معيار الطبيعة. ذلك إن ما هو ثابت عند الإنسان ينفلت بالضرورة من مجال العادات، والتقاليد، والتقنيات، والمؤسسات التي عن طريقها تتمايز المجموعات وتتباين.
وفي غياب تحليل واقعي، فإن معياري القاعدة والكونية يقدمان مبدأ تحليل نظري يسمح، في بعض الحالات وفي حدود معينة على الأقل، بعزل العناصر عن العناصر الثقافية التي تتدخل في تركيبات النظام الأكثر تعقيدا. لنقل إذن عن ما هو عام لدى الإنسان يعود إلى نظام الطبيعة ويتميز بالعفوية، وأن كل ما يخضع لقاعدة ينتمي على الثقافة ويتسم بصفات ما هو نسبي وما هو خاص.
ك.ل. ستراوس، البنى الأولية للقرابة، منشورات موتون ولاهاي، باريس 1967 صفحات 3 – 10.

ورد النص بالكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة – جذع مشترك

إغلاق