مفهوم الغير: وضعية مشكلة + تقديم المفهوم
مفهوم الغير: وضعية مشكلة + تقديم المفهوم
- المجزوءة: مجزوءة الوضع البشري
- المفهوم الثاني: مفهوم الغير
- المقطع: التأطير الإشكالي والمفهومي وتقديم مفهوم الغير
المطالب
1) ضع عنوانا مناسبا للصورة يتضمن لفظة الغير
2) قم بتحليل الصورة معبرا عن مضامينها و دلالاتها وأبعادها
3) عرف مفهوم الغير انطلاقا من الصورة وانطلاقا من دلالات المفهوم المعجمية والفلسفية.
4) إذا قلنا بأن الذات تحتاج أن تعي ذاتها وتدرك وجودها، فما الذي يجب أن نسأل عنه بخصوص وجود الغير.
5) يشكل الغير ذاتا إنسانية أخرى، وبذلك فهو يختلف عن باقي الموجودات الأخرى، حيث يتميز بالوعي والحرية، وهو ما يطرح عدة مفارقات وإشكالات مرتبطة بمعرفته، حدد تلك المفارقات والإشكالات.
6) من بين الإشكالات الأخرى التي يطرحها مفهوم الغير إشكال العلاقة مع الغير، انطلاقا من الصورة وانطلاقا من الواقع حدد بعض أوجه العلاقة مع الغير وقم بصياغة الإشكال انطلاقا من تلك العلاقات.
عناصر الإجابة المقترحة
1) من بين العناوين الممكنة للصور: أهمية الغير، العلاقة مع الغير، ضرورة وجود الغير
2) تحليل الصورة
من حيث الشكل فالصورة تتضمن ثلاثة أشخاص كل منهما يعاني بترا في أحد أطرافه، كما تتضمن طريقا وأثرا لأقدامهم.
أما من حيث المضمون فالصورة تشير إلى نوع من العلاقة الإجابية بين الأشخاص، وإلى نوع من التكامل بينهم، إضافة إلى ذلك فهي تعبر عن الحاجة إلى الآخر، فكما هو ملاحظ فكل شخص بفتقد بعضا مما يملكه الآخر، ويمتلك بعضا مما يفتقده الآخر. ويحيل الطريق إلى الحياة والوجود… غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا لو كان الشخصان على الجانب يحملان الشخص في الوسط لإلقائه في البحر؟
3) تعريف مفهوم الغير:
من خلال الصورة فالغير يشير إلى الذات الأخرى بما هي ذات إنسانية.
من خلال الدلالة المعجمية: فالغير يعني المخالف والمغاير والمباين والمنفي والمتحول، وبالتالي نجد أنهما عامان يقالان على كل شيئين مختلفين اختلافا جزئيا أو كليا، نقول رجل آخر، ثوب آخر…
والغير Autrui في الدلالة المعجمية الفرنسية مشتقة من الجذر اللاتيني Alter الذي يعني الآخر L’autre، ويتحدد معنى الغير كما يلي: الغير، هم الآخرون من الناس بوجه عام. والآخر هو من ليس نفس الشخص ، وما ليس نفس الشيء ، والمتميز والمختلف…
و على عكس الدلالة المعجمية يتحدد الغير والآخر في الدلالة الفلسفية على نحو دقيق، فالغير هو آخر الأنا، منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر، إنه الآخر الذي يتجلى ضمن علاقة تعايش معطاة ، ويحيل إلى إمكانية تماه أو تطابق. وبعبارة أوجز، وكما يقول جون بول سارتر فالغير هو الآخر، الأنا الذي ليس أنا.
4) الذي يجب أن نسأل عنه بخصوص وجود الغير، حين يتعلق الأمر بوعي الذات لذاتها وإدراكها لوجودها، هو إن كان وجود الغير وجودا ضروريا لتعي الذات ذاتها وتدرك وجودها.
5) بما أن الغير يشكل ذاتا أخرى تتميز بالوعي والإرادة والحرية على خلاف باقي الموجودات الأخرى، فإن معرفته تطرح إشكالا ومفارقة، وهو إن كان بإمكان الذات تستطيع معرفة الغير وإدراكه كما يتم معرفة الأشياء، أم أن معرفه تستعصي وربما تستحيل بما أنه يشكل ذاتا واعية وحرة ومريدة.
6) انطلاقا من الصورة وانطلاقا من الواقع يمكن أن نحدد بعض أوجه العلاقة مع الغير كعلاقة الصداقة الحب والود والإحترام وعلاقة الصراع.. ومنه يمكن طرح الإشكال التالي: أي علاقة تربط بين الذات والذات الأخرى، هل هي علاقة صداقة وحب واحترم أم علاقة صراع
تقديم مفهوم الغير
لا خلاف في أن الإنسان باعتباره كائنا اجتماعيا يظل في حاجة إلى الأخر/ الغير. إلا أن الغير كمفهوم فلسفي لم يتبلور باعتباره آخر، مختلفا إنسانيا، وبوصفه مشكلة فلسفية، إلا في الفلسفة الحديثة، وبصفة خاصة مع فلسفة هيجل. فقبل هيجل كانت الإشكالات الفلسفة تنصب على مفهوم الأنا، والمثال على ذلك نجده في الفلسفة الديكارتية، التي اعتبر وجود الأنا وجودا حقيقيا، بينما لم تنظر إلى الآخر إلا كجسم، وككائن مختلف عن الأنا فقط.
وقبل الخوض فيما يطرحه الغير كمفهوم فلسفي، لابد من التأكيد على أن دلالته لم تتحد بدقة إلا من ناحية دلالته الفلسفية، فمن الناحية المعجمة سواء العربية أو الفرنسية يقترن لفظ الغير بلفظ الآخر، وهذا الأخير يتصف بالعمومية، حيث يشير إلى الإنسان والشيء. لكن من حيث الدلالة الفلسفة فالغير هو آخر الأنا، منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر، وبعبارة أوجز، وكما يقول جون بول سارتر فالغير هو الآخر، الأنا الذي ليس أنا ولست إياه.
أما بخصوص ما يطرحه مفهوم الغير من إشكالات، فالغير يطرح من بين ما يطرحه من إشكالات ثلاث إشكالات فلسفية، أحدها إشكال أنطولوجيٌ والآخر ابستمولوجيٌوالثالث قيميٌ. أما بخصوص الإشكال الأنطولوجي فيتعلق بأهمية الغير وضرورية وجوده، وإن كان وجوده ضروريا لتدرك الذات ذاتها وتتعقل وجودها. أما بخصوص الإشكال الإبستمولوجي (المعرفي) فيتعلق بإمكانية معرفة الذات للغير من عدم إمكانيتها، وإن كانت معرفته تتم بنفس الكيفية التي تتم بها معرفة الإشياء باعتبارها أشياء خارجية لا تتصف بالوعي والحرية. أما بخصوص الإشكال القيمي فمفهوم الغير يطرح إشكال العلاقة بينه وبين الذات، أي نوعية العلاقة التي تربط الأنا والأنا الأخرى.
كل تلك الإشكالات يمكن أن نترجمها إلى التساؤلات التالية:
- هل وجود الغير ضروري لتحقق الذات وعيها بذاتها ولتدرك وجودها، أم أن وجود الغير مجرد وجود افتراضي، ولا حاجة للغير في وعي الذات بذاتها وإدراكها لوجودها؟
- هل معرفة الأنا للغير معرفة ممكنة أم مستحيلة؟ وإذا كانت ممكنة فهل هي معرفة نسبية تقوم على التخمين فقط، أم معرفة يقينية؟ وهل معرفة الغير تتم عبر النظر إليه كذات أم تتم عبر النظر إليه كشيء خارجي؟
- على أي أساس تقوم العلاقة بين الأنا كلذات والغير كذات؟ هل تقوم على الصداقة كفضيلة، أم تقوم على الصراع كضرورة من أجل أن تحقق الذات الإعتراف بها؟