محمد المغراوي: صورة المرأة في مخيال المواطن المغربي، قراءة في تيفو مشجعي فريقي الرجاء والوداد

إذا كان جيل دولوز قد قال : تاريخ الرغبة تاريخ اللعنة، فيمكن أن أقول: تاريخ المرأة هو الآخر تاريخ اللعنة.

محمد المغراوي – أستاذ فلسفة

بمنطق علم النفس التحليلي، فكل سلوك واعي ما هو إلا تجسيد لفكرة تنتمي للاوعي الإنسان. وهنا ارتأينا أن نتخذ بعض سلوكات المواطن المغربي كآلية لقراءة وفهم التصور الذهني للمجتمع المغربي بخصوص المراة. فكان اختيارنا لتيفو مشجعي فريقي الوداد والرجاء، وذلك لما للفريقين من شهرة وأتباع، وايضا لان تلك التيفوهات كثيرا ما تتم مشاركتها بشكل واسع بين الصغار والكبار، بين الإناث والذكور. وحتى يكون كلامنا بسند واقعي، هذه بعض الصور التي سننطلق منها:
إذا لاحظنا الصورتين أعلاه، فسنجد أن المرأة حاضرة بشكر بارز، لكن حضورها ليس تكريما ولاتشريفا، بل باعتباره آلية للتنقيص والحط من الآخر. إن المتأمل في الصورتين سيلاحظ بشكل لا يحتاج شرحا أو توضيحا، أن تجسيد المرأة في التيفو، سواء الأول أوالثاني، هو تجسيد جنسي.
لاحظ كيف هو أن الرجل في الصور الأولى يظهر قويا وسيدا ومسيطرا، أما المرأة فهي خنوعة مستسلمة، وهنا  اعتمد الجمهور المرأة كدلالة وكإشارة للخصم. ولاحظ كيف أن المرأة “البطة”  في الصورة الثانية قد صُورت في قالب جنسي، وكأنها تقول : “هيت لك… هيت لك…” ولاحظ، كيف أنه تصور كعاهرة. وكأن الرجل هو لا يزني و لا يمارس الرذيلة  ليل مساء!
هذا التجسيد الرمزي للمرأة يعبر بطبيعة الحال عن تمثل المواطن المغربي –ليس من باب التعميم- للمرأة، فالمواطن المغربي، انطلاقا من الصورتين، يتمثل المرأة، وينظر إليها  كآلة جنسية، وكجسد منهار، وككتلة من اللحم الذي يمكن تقديمه على طاولة الرجل القوي الشهم السيد…! بل وتعتبر أحيانا كرمز للعار.
هذه الصورة التحقيرية للمرأة لا تتجسد فقط فيما أشرنا إليه من أنشطة رياضية، بل تتمظهر في تمظهرات أخرى، من بينها الأمثلة الشعبية، والتي تكرس هي الأخرى هذه النظرة الدونية للمرأة، باعتبار المرأة كائنا شيطانيا، لا إنسانيا. وهذه بعض الأمثلة الشعبية المستقاة من المجتمع المغربي والتي توضح من نريد إيضاحه:
  • المرأة بلا حبيب كالمرأة بلا حبيب
  • الرابح من المرأة والخاسر من المرأة
  • الرجال لا يفرقهم إلا المال أو النساء

 

الخطير في الأمر هو أن المرأة هي الأخرى تساهم في تكريس هذه الصورة، وذلك عبر استعمالها لمثل هذه الأمثال الشعبية، وأيضا تبادلها لصور تظهر فيها المرأة بصورة لا تليق بالمرأة كإنسانة وككائن بشري.
الغريب في الأمر، أن الذي يقدف في المرأة، يرفض أن تكون المرأة هنا هي أمه أو أخته أو خالته..
ليبقى السؤال المطروح: ما المشارب الثقافية التي تتغذى منها مثل هذه التصورات المشوهة للمرأة؟

 

إغلاق