المحور الأول نشأة الفلسفة (مجزوءة الفلسفة) ذ.مراد الكديوى

 

  •   المجزوءة: الفلسفة
  •   المحور: نشأة الفلسفة
  •  إعداد الأستاذ: مراد الكديوى

مدخل عام:

              يدرك المشتغل بالفلسفة خصوصية هذا النمط الفكري بمجرد التأمل في لفظ الفلسفة و معناها. فالباحث و الفيلسوف على حد سواء يجدان نفسيهما أمام إشكالية تعريف الفلسفة وهو الأمر الذي يجسد الغياب في العلم حيث أن العالم الرياضي مثلا لا يهتم بتعريف مجال اشتغاله، ولعل هذا الاستثناء الفلسفي يعبر عن خصوصيته و طبيعته وتفرده، يبدو ذلك واضحا حينما تجعل الفلسفة من ذاتها موضوعا للتساؤل و البحث، ولعل ذلك راجع لكون الفلسفة في أحد جوانبها هي حدّ المعاني(تعريف المعاني).
              إن الثابت في السطور الماضية هو أن الفلسفة و التفلسف أمر لا يمكن أن يتم دون المفهوم فهي تبدأ بالسؤال عن مفهوم الفلسفة قبل كل شيء، لذا كانت الفلسفة على حد تعبير «جيل دولوز” هي نحت المفاهيم، لكن تحديد مفهوم الفلسفة يضعنا أمام إشكالات كثيرة وذلك بالنظر إلى خصوصية الموضوع حيث أنها لا تنصب على موضوع محدد و المنهج و ذلك لتعدد المقاربات، بالإضافة إلى أن تعريف الفيلسوف لمفهوم الفلسفة لا يستند إلى مبادئ مشتركة يحتكم إليها الجميع بل إلى معطيات ذاتية بالانسجام مع نسقه الفلسفي، الشيىء الذي يجعل تعريف الفلسفة أمرا صعب بالنظر إلى الطابع الشخصي للفيلسوف المتحكم في التعريف. غير أنه يمكننا تعريف الفلسفة اشتقاقيا وبالإحالة إلى الفيلسوف و المذهب، فعلى المستوى الاشتقاقي يحيلنا مفهوم الفيلسوف إلى معنى الفلسفة حيث أن:                                                                                                                         
 الفيلسوف  philosophos : وهو لفظ سابق عن الفلسفة يتكون من أصلين اشتقاقين (Philos وتعني المحب؛ Sophos الذي يحيل على الحكيم). وانطلاقا من هذا الأصل نحت مفهوم الفلسفة بما هي محبة الحكمة.                                                
 الفلسفة  philosophia: وهي التعبير اليوناني عن الفلسفة التي تعني محبة الحكمة. إذ أنها تتركب من الأصل (Philen الذي يعني المحبة؛ والأصل Sophia التي تحيل على الحكمة). بذلك تكون الفلسفة هي محبة الحكمة و يعتبر “فيتاغورس” أول من نحت مفهومي الفلسفة و الفيلسوف حين تمت مناداته بالحكيم مجيبا و بتواضع منه بأنه محب للحكمة فقط؛ لأن الحكمة من اختصاص الآلهة.
              خلاصة القول أن أقصى ما يمكن أن نصل إليه في تعريف الفلسفة هو تعريف اشتقاقي أو تعريف إحالي للفيلسوف و مثال ذلك التعريف الأفلاطوني للفلسفة باعتبارها “بحث الماهيات الكامنة خلف ظواهر الأشياء” لكن لا نستطيع أن ننفي إمكانية تقديم تعريف عام للفلسفة دون القول بأنه التعريف التام والوحيد، وهو الذي تكون فيه الفلسفة تصور عقلاني لموضوعات العالم.
              إن هذا التعريف العام على بساطته يحيلنا على المجال الإشكالي للمجزوءة الأولى المعنونة ب”الفلسفة” ذلك أن الفلسفة تبقى تصورا من بين تصورات أخرى تتداخل وتتقاطع معها كالتصور الأسطوري والديني والعلمي… وعليه نستطيع تحديد الإشكالات  العامة لمجزوءة الفلسفة في التساؤلات التالية:

 

  • ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة و الأسطورة؟ وبأي معنى يمكن أن تحيلنا هذه العلاقة على نشأة الفلسفة وبداية فعل التفلسف؟ وما طبيعة هذه النشأة هل هي يونانية الأصل أم عبارة عن سيرورة تاريخية تعبر عن الفكر البشري في كليته؟
  •  ماهي المحطات الأساسية لتطور الفكر الفلسفي؟ و ما خصائص وإشكالات كل لحظة من هذه اللحظات؟
  •  كيف تبرز هذه اللحظات بخصائصها المتنوعة منطق الفلسفة و أدوات اشتغالها؟ و في الأخير بأي معنى يمكننا القول بأن الفلسفة هي خطاب منتج للقيم؟

“يبدو أن الفلسفة اليونانية تبدأ بفكرة غريبة، وهي أن الماء أصل كل الأشياء”فريدريك نيتشه

مدخل إشكالي:

إن السؤال عن الفلسفة و ماهيتها من حيث هي نمط فكري جديد قائم على تأمل موضوعات العالم بكيفية استدلالية برهانية تعتمد العقل يقودنا لا محال إلى محاولة التوطين التاريخي لنشأة هذا الضرب من التفكير و إقامة فاصل زمني بينه و بين الضروب الفكرية التي سبقته و استمرت معه إبان نشأته. إن محاولة التوطين هذه تضعنا أمام إشكال أساسي يتعلق بنشأة الفلسفة بين النشأة اليونانية والنشوء التاريخي الذي تكون فيه الفلسفة سيرورة تاريخية. وهو ما يجد تعبيراته في إشكالات التحديدات الزمانية أو المكانية أو حتى العوامل التي أدت إلى ظهور هذا النمط الفكري الجديد لدى البعض دون البعض الآخر، و في زمان دون باقي الأزمنة و هو ما لا يمكن أن يتم دون التساؤلات التالية:
  •  متى و أين نشأة الفلسفة؟ وماهي العوامل و الشروط التي أدت إلى ظهور الفلسفة ؟
  • هل نستطيع وضع بداية زمنية دقيقة لنشأة الفلسفة باعتبارها فعلا زمانيا يونانيا أم أن الفلسفة هي نشوء و سيرورة تاريخية تنهل من تاريخ الفكر البشري الطويل؟

 

نشأة الفلسفة كما نعرفها اليوم على لسان الفلاسفة و المؤرخين في بلاد اليونان – وبالضبط بجزيرة أيونية-  مع الحكماء السبع في القرن السادس قبل الميلاد. ولما كانت الفلسفة تفكير في قضايا العالم برؤية جديدة فإن هذه النشأة لم تكن وليدة فراغ بل اقترنت بمجموعة من العوامل يمكن أن نحددها على النحو التالي:
العوامل السياسية: وتتمثل في كل من النظام الديموقراطي مع “بركليس” الذي أتاح للكل التعبير عن رأيه وما لحق ذلك من حرية التفكير. بالإضافة إلى ظهور المدينة/الدولة التي احتضنت هذا المناخ الجديد الذي يتيح فرصة النقاش و الجدالات الفكرية. فالفلسفة أساسا ارتبطت بالمدينة والحرية.
 العوامل الثقافية: ويمكن أن نحددها في العناصر التالية:
أ-اللغة: لأن حدود التفكير هي حدود اللغة، فاللغة مع اليونان سمحت بطرح أسئلة جديدة(سؤال أصل الوجود)لم تكن اللغة في السياق الثقافي الأسطوري تسمح بها مثل السؤال عن أصل العالم.
بتغير النظام الروحي للإنسان اليوناني: وذلك ناتج عن كون الإنسان اليوناني عجز عن تفسير العالم من خلال الأسطورة في مختلف مناحيه الدينية و الاجتماعية و الطبيعية. فالفلسفة أساسا ظهرت كتجاوز للأسطورة.
ج-الإرث الشرقي: حيث كان للتلاقح الحضاري دور مهم في ظهور وتكون الفكر الفلسفي، كونه استمد من هذه الأصول الشرقية أسسه الفكرية لينظمها بطريقة جديدة تبدو وكأنها تشكل قطيعة معه.
العوامل الاجتماعية: الهجرة نتيجة التبادلات التجارية. بالإضافة إلى “ساحة الأغورا” التي لعبت دورا اجتماعيا في نقل و شيوع الفكر في الأوساط العامة بدل الاقتصار على النخبة…
بالرغم من هذه التحديدات فإن وضع بداية زمنية للفلسفة تقترن باليونان هو في الحقيقة تحديد يخفي إشكالا عميقا وهو إمكانية وضع بداية زمنية للتفكير الإنساني و تأملاته ما دامت الفلسفة في جوهرها تفكير ، فالفلسفة بهذا المعنى لم تنشأ من فراغ بل تجد أصولها في التراث الإنساني. إن هذا الأمر يضعنا أمام قراءتين للإشكال العام لهذا المحور و الذي نستطيع أن نصوغه على النحو التالي: هل الفلسفة يونانية النشأة أم أنها عبارة عن نشوء تاريخي ينحت من الأصول الشرقية؟ الجواب عن هذا الإشكال يقودنا إلى أمرين اثنين:
 الفلسفة معجزة يونانية: وهذا التصور يرفض أن يلحق الفلسفة بالتراث الشرقي. بل يرى بأن هناك قطيعة بين اليونان وكل التصورات السابقة على الفلسفة كالتصور الأسطوري. لذا فإن الفلسفة معجزة اختص وتفرد بها اليونان دون غيرهم.
   الفلسفة سيرورة تاريخية: ويستند هذا التصور إلى أن كل تطور فكري ينشأ عن أصل سبقه بمعنى أن الفكر يتطور بالتراكم و الاتصال. و بالاستناد إلى هذا المعطى فإن “اليونان لم يفعلوا شيئا سوى أنهم صعدوا القطار وهو يسير” على حد تعبير “ميشيل سير”
¨              

I.الفلسفة و الأسطورة.

يتأسس القول الفلسفي في نشأة الفلسفة على المفارقة الحاصلة بين اعتبار الفلسفة حدث يوناني وبين اعتبارها حدث تاريخي قديم تطور مع اليونان دون أن يظهر معهم. لذا فإن إشكال الفلسفة الأول من حيث النشأة هو إشكال التحديد الزمني بين إمكانيته وانتفائه. وعموما فيمكن العرض لنشأة الفلسفة من خلال بحث طبيعة العلاقة بين الفلسفة والأسطورة. إذ تشكل هذه العلاقة بين الإتصال والقطيعة الأساس الذي نفهم على ضوئه نشأة الفلسفة، فإذا كانت هذه العلاقة قائمة على الإتصال فمعنى ذلك أن الفلسفة ليست إلا حلقة من حلقات الفكر البشري شأنها في ذلك شأن التفكير الأسطوري. أما إذا كانت هذه العلاقة قائمة على الإنفصال فمعناه ان الفلسفة حدث اقترن باليونان ولا يمكن الحديث عنه بالإحالة إلى التصورات التي سبقت ظهور هذا النمط الفكري. وعموما يمكننا تحديد الإشكال العام لهذا المقطع الذي يتناول نشأة الفلسفة على ضوء العلاقة بين الفلسفة والأسطورة بالتساؤل التالي:

 

  • ما هي طبيعة العلاقة بين الفلسفة و الأسطورة؟ هل هي علاقة اتصال أم انفصال؟ وكيف تحدد طبيعة هذه العلاقة نشأة الفلسفة بين كونها حدث يوناني وبين كونها نشوء تاريخي؟

التناول الفلسفي للإشكال بالإشتغال على نص ” جون بيير فرنان” ص: 13.

 
صاحب النص: جون بيير فرنان J.P.VERNANT (1914-2007): مفكر و مؤرخ فرنسي معاصر اهتم بالفكر الفلسفي الإغريقي و أصوله، له عديد من المؤلفات منها: “أصول الفكر اليوناني”، “الكون و الله و الإنسان”، “حيل الذكاء”. ويذهب إلى التأكيد على مسألة أساسية في بحثه لنشأة الفلسفة وهي أنها ذات أصل يوناني بالنظر للعامل السياسي المتمثل في النظام الديموقراطي وظهور المدينة-الدولة.
 البنية المفاهمة للنص:
-الأسطورة: حكاية خرافية، شعبية الأصل، وغير متروية. يمثل فيها الفاعلون اللاشخصيون, وفي الأغلب تمثل فيها قوى الطبيعة في صور كائنات شخصية و يكون لأفعالها أو مغامراتها معنى رمزي.(موسوعة لالاند. ص:850)
-الخطاب: قول يتسم بالبناء و التماسك من حيث نسيجه الداخلي.
-الأنطولوجيا: مفهوم يتكون من أصلين اشتقاقيين:TO-ON  وهو فعل الكينونة(ETRE بالفرنسية) و LOGIE الذي يفيد الوجود. فتكون الأنطولوجيا هي علم الوجود أو المبحث الذي يهتم بدراسة الوجود و إشكالاته.
-الاستدلال: قول منطقي منظم يعتمده الفيلسوف و العالم لإثبات فكرة ما أو إقرار نتيجة.
-الحجاج: خطاب ينبني على مقدمات مقبولة ( الخطابة ) أو مشهورة ( الجدل ). يفيد الظن و غايته التأثير في المتلقي وإقناعه بأن الشيء كذا أو ليس كذا.
-البرهان: قول تعليمي يبنى على مقدمات يقينية. يفيد الصدق الذاتي.
 إشكال النص(السؤال الذي يجيب عنه النص):
_ بأي معنى يمكننا القول بأن ميلاد الفلسفة مع اليونان انبثق من تحديد مجال الأسطورة و القطع معها؟
 أطروحة النص: يرى “ج.ب. فرنان ” أن نشأة الفلسفة حدث تاريخي يوناني ارتبط بالتقابل بين الميتوس و اللوغوس في سلسلة من التعارضات سواء على مستوى الشكل أو المضمون أو الغاية. أدت إلى إحداث قطيعة بين مجال الأسطورة و الفلسفة كنمط جديد من التفكير. ويمكن توضيح هذه التقابلات من خلال الجدول التالي:
الميتوس (مجال الأسطورة)
اللوغوس (مجال الفلسفة)
_التقليد الشفوي.
_غياب القواعد.
_المحاججة البلاغية(المجاز / التشبيه).
_فكر بلاغي و خيالي.
-الحكي و السرد.
_فاعلية القوى الإلهية.
_إثارة اللذة و التأثير في المستمع بطريقة سحرية.
_الأدب المكتوب.
_مجموعة من القواعد.
_تجريد المفاهيم.
_الاستدلال/الاستنتاج الرياضية.
_البرهان القائم على الحجة.
_الكيانات المفاهيمية المجردة.
_التوجه إلى الفكر النقدي لدى القارئ.
 خلاصة تركيبية:
خلاصة القول أن ما يسعى “جون بيير فرنان” إلى إثباته هنا من خلال عميلة التقابل بين الميثوس و اللوغوس هو القول بأن الفلسفة هي فعل يوناني النشأة جاء نتيجة توافر مجموعة من الشروط التي تتوزع بين القطيعة الإبيستمولوجية مع الأسطورة(الميثوس) و الآليات التي تنبني عليها في التفسير ( الخيال/ التأثير/ اللذة ). وبين الانتقال من التقليد الشفهي إلى الأدب المكتوب التي أصبحت فيه اللغة الفلسفية لغة مجردة تعتمد المفاهيم في مقاربة موضوعاتها. هذا و إن هذه الشروط حسب ” فرنان ” اكتملت من حيث التأسيس للفلسفة من خلال ظهور المدينة/ الدولة و اعتماد النظام الديموقراطي بدل النظام الديكتاتوري الذي كان يحد من حرية التفكير ويجعله أمرا نخبويا.


II.  من فعل النشأة إلى فعل التفلسف.

تعتبر الفلسفة من حيث النشأة فعلا تاريخيا يونانيا من خلال التقابل بين اللوغوس والميثوس. وتجاوز هذا الأخير في تصور العالم و تفسيره. غير أن القول بأن الفلسفة معطى يوناني محض يضطرنا إلى بحث مشروعية هذا القول لا بالنظر إلى خصائص الأسطورة بل ببحث السؤال الذي سمح بالبداية الفعلية للتفلسف مع اليونان دون غيرهم. ولعل التدليل عن هذه المسألة يضطرنا للعودة إلى طاليس وسؤاله عن أصل العالم باعتباره أول وأقدم أثر فلسفي نعرفه وعليه نتساءل:
ü            بأي معنى يمكن أن نعتبر أن سؤال ” طاليس ” عن الأصل/ المبدأ الأول للعالم هو البداية الفعلية لفعل التفلسف؟ و لماذا ؟
 

 التناول الفلسفي للإشكال بالإشتغال على نص: “فريدريك نيتشه” ص:15

 
 صاحب النص: فريدريك نيتشهF. NETZSCHE(1844-1900): فيلسوف ألماني يصنف عادة من فلاسفة ما بعد الحداثة وذلك لنقده لبفلسفة الحديثة و تراثها منذ سقراط اهتم بالبحث في أصل الأخلاق و القيم باعتبارها معطى تاريخي محكوم بإرادة القوة. من مؤلفاته: ” إرادة القوة “، ” جينيالوجيا الأخلاق “، “ما وراء الخير و الشر “.
   البنية المفاهيمية للنص:
_ الأصل: هو الأساس الأول الذي يشكل وجود شيء ما، و المصدر الذي تتكون منه الأشياء.
_ المسلمة: قضية لا تتم البرهنة عليها بل هي الأساس الذي نبني عليه البرهان (مثال: الكل أكبر من الجزء)
_الفرضية: فكرة مؤقتة يفترضها العالم ليفسر بها حوادث الطبيعة، وتصير قانونا إذا أثبتت التجربة صدقها.
_ الحدس: معرفة يقينية مباشرة دون وسائط.
_المبدأ: الأساس الكامن وراء ظواهر الأشياء.
 إشكال النص: بأي معنى يمكن القول بأن البحث في أصل العالم من خلال مسلمة أن الماء أصل الأشياء شكل البداية الحقيقية لفعل التفلسف؟
  أطروحة النص: يرى “فريدريك نيتشه” أن بداية فعل التفلسف قام على مسلمة ” أن الماء أصل الأشياء جميعها ” ذلك لأنها قطعت مع الأسطورة من حيث التفسير من جهة، و بحثت في أصل العالم و أرجعت المتعدد إلى المبدأ الواحد من جهة أخرى. الشيىء الذي يجعل من طاليس أول فيلسوف يوناني. وهو ما يمكن توضيحه من خلال الجدول التالي:

 

السبب
وضع طاليس
التعليل
تناول أصل الأشياء
طاليس ينتمي إلى طائفة المفكرين الدينيين والخرافيين.
لأن الأسطورة كذلك فكرت في اصل الاشياء.
تناول أصل الأشياء بدون صور وبمعزل عن السرد الخيالي
طاليس يخرج عن دائرة المفكرين الخرافيين
ويظهر على أنه عالم من علماء الطبيعة.
لأن طاليس تجاوز طريقةالتفسير الاسطوري للعالم بعيدا عن السرد الخيالي.
فكرة أن الكل واحد.
هذا المعطى يجعل منه أول فيلسوف يوناني.
لأنه أرجع التعدد الى المبدأ الواحد.

 

 خلاصة تركيبية:
حاصل القول مما سبق ذكره أن بداية فعل التفلسف ارتبط بسؤال الأصل بما هو بحث ميتافزيقي يتغيا الوصول إلى العلة الأولى للشيئ. غير أن ما يعطي لهذه البداية قيمتها الفلسفية ليس هو سؤال الأصل بقدر ما هو الكيفية التي تم عبرها بحث هذا السؤال. ونقصد بذلك المبدأ/الواحد الذي يكون هو الأصل الأول لظواهر الطبيعة المتعددة.
إن بداية فعل التفلسف ارتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم المبدأ الواحد من حيث أنه يتضمن الكل، فأصل الكل المتعدد مبدأ واحد و ذلك خلافا للتفسير الأسطوري القائم على التعدد. إن هذا الانتقال من المتعدد إلى الواحد هو الأمر الذي يجعلنا نغادر دائرة الأسطورة و العلم إلى دائرة الفلسفة. فالتجاوز الأول راجع لاختلاف تفسير أصل العالم بين المبدأ الواحد و المتعدد. في حين أن مغادرة دائرة العلم إلى الفلسفة بموجب قول ” طاليس ” ” الماء أصل العالم ” يعود إلى أنه تجاوز سؤال العلاقة إلى الإشكال الفلسفي المتمثل في إرجاع المتعدد إلى الواحد.
و أخيرا إن المهم في قول طاليس ليس هو الماء بل هو قوله بمبدأ واحد كأصل للمتعدد و هو الأمر الذي لقي صدا عند فلاسفة مدرسة ملطية/أيونية و فيتاغوراس، بل حتى أفلاطون و أرسطو… فرغم أنهم يختلفون في أصل العالم بين كونه ماء أو هواء أو نار أو أبيرون(اللامتناهي)… إلا أنهم يتفقون في المبدأ الفلسفي التالي وهو أن: “أصل العالم هو الأرخي(المبدأ الواحد) و ليس المتعدد”. معنى هذا الكلام أنه رغم اختلاف العلة إلا أن الثابت هو أن هذه العلة أو تلك تعبر عن المبدأ الواحد بما هو أصل للمتعدد.

 أعمال أخرى من إعداد الأستاذ مراد الكديوى

 

إغلاق