الشخص والهوية (مفهوم الشخص) الثانية باك
موضوع الدرس
- الفئة المستهدفة: الثانية بكالوريا – جميع المسالك والشعب
- المجزوءة: مجزوءة الوضع البشري
- المفهوم: مفهوم الشخص
- المحور الثالث: محور الشخص والهوية
محاور الدرس:
- التأطير الإشكالي:
- موقف رونيه ديكار ت من هوية الشخص
- موقف جون لوك من هوية الشخص
- موقف جول لاشولييه من هوية الشخص
- موقف آرثور شوبنهاور من هوية الشخص
- استنتاج عام
التأطير الإشكالي للمحور
يدل مفهوم الشخص على الإنسان بما هو ذات واعية وعاقلة قادرة على التمييز بين الخير والشر وبين الصدق والكذب وتتحمل مسؤولية أفعالها واختياراتها. ويحيل أيضا على وحدة وهوية ومطابقة مع الذات تستمر رغم تعدد الحالات التي يمر منها الشخص واختلافها. كل هذا يفتحنا على عدة تساؤلات وإشكالات مرتبطة بهوية الشخص وهي: ما الأنا؟ على ماذا تتأسس هوية الشخص؟ وكيف يكون الشخص مطابقا لذاته رغم اختلاف الأزمنة والأمكنة؟ وهل ما يشكل هويته هو مظهره الخارجي أم تفكيره ووعيه؟ وهل يمكن القول بثبات هوية الشخص؟
مواقف فلسفية حول إشكال هوية الشخص
موقف رونيه ديكارت: الفكر أساس هوية الشخص
بخصوص هوية الشخص يؤكد رونيه ديكارت أن أساس هوية الشخص هو الفكر بما هو فكر مجرد. ففي كتابه التأملات يذهب ديكارت إلى أن الأنا (الذات) هو شيء مفكر، أن الشيء هو شيء يفكر ويفهم ويتصور، ويثبت… ومنه فالذي يمنح الذات وجودها ويمكنها من وعي ذاتها هو الفكر. ومنه يتضح لنا كيف أن أساس هوية الشخص حسب الفيلسوف رونيه ديكارت هو الفكر، والذي هو فكر مجرد، أي الفكر الذي لا يرتبط بأي شيء مادي. وللتوسع في هذا الموقف الفلسفي الذي يجعل الفكر أساس هوية الشخص يمكن العودة إلى أسس المذهب العقلاني في الفلسفي والذي يعتبر ديكارت رائده في الفترة الحديثة.
موقف جون لوك الوعي والشعور والذاكرة أساس هوية الشخص
بحسب لوك فالشخص هو الذات أو الأنا القادرة على تعقل ذاتها. والوعي بذاتها والتفكير في ذاتها رغم تنوع السياقات والوضعيات التي تواجهها. وعلى هذا الأساس جاز لنا التمييز بين المعرفة العادية العامة والمعرفة بالذات. فالمعرفة العادية هي معرفة الموضوعات الخارجية في تنوعها وتغيرها. بينما المعرفة بالذات هي نوع من الوعي بالأنا المفكرة التي تظل هي هي رغم التحولات التي تعرفها في الزمان والمكان. وهذا ما يشكل الهوية الذاتية. وعليه ، تتحدد الهوية الذاتية من خلال الإجابة عن سؤال مركزي وهو كيف يمكن التفكير في رحلة الأنا في الزمان المتبدل والأمكنة المتغيرة؟ هل أنا الشخص نفسه الذي كنته قبل عشرين سنة؟ لقد اقترح لوك حل إشكال الهوية الشخصية بفكرة الذاكرة: إذا كنت الشخص ذاته الذي كان قبل عشرين سنة، فلأنني أتذكر مختلف المراحل التي مر بها وعيي أو شعوري. وبناء على ما سبق، فإن كلما امتد شعوري بسلوكاتي وتصرفاتي وأفكاري في الماضي كلما اتسعت دائرة هويتي
موقف آرتور شوبنهاور : الإرادة أساس هوية الشخص
على النقيض مما ذهب إليه لوك يصعب بحسب شوبنهاور تحديد الهوية الشخصية من خلال الذاكرة لأن التقدم في سن أو المرض أو إصابة في المخ يؤدي إلى تعطيل في الذاكرة وهذا يعني هذا تعطيلا في هويتي؟ كما أن الهوية الشخصية ليست كما سبق وأن أكد ديكارت الذات العارفة لأن النشاط المعرفي ما هو بحسب شوبنهاور إلا وظيفة بسيطة من وظائف الدماغ. إن الهوية تتأسس بناء على عنصر ثابت فينا والذي يبقى دائما ولا يعرف الشيخوخة وهو نواة وجودنا ويسمي بالإرادة. والتي تشاطرنا الحيوانات فيها ضمن خانة عامة تسمى بإرادة الحياة وهي مبدأ كوني يعبر عن المجهود الغريزي لدى الحيوان للحفاظ على نوعه في مواجهة بقية الأنواع. وبالتالي فإن الإرادة الشخصية للإنسان المؤسسة لهويته ما هي إلا إحدى تمظهرات إرادة الحياة والتي تترجم إلى إرادة التفكير وإرادة الوعي بكوننا كائنات مخيرة ومريدة.
موقف جول لاشولييه: وحدة الطبع والذاكرة أساس هوية الشخص
في كتابه السيكولوجيا والميتافيزيقا حاول الفيلسوف الفرنسي جول لاشولييه الإجابة عن إشكال إن كان لهويتنا أساسا ثابتا. ليجيب بأن هناك من الوقائع ما يفند الأطروحة القائلة بوجود أساس ثابت، مؤكدا ذلك بمجموعة من الأمثلة من قبيل مثال النوم ومثال فقدان الذاكرة وأيضا مثال الذين يعانون من انفصام الشخصية. فالذي يكون نائما يكون له أنا متخيلا فقط، والذي فقد ذاكرته يفقد صلة الوصل بين ماضيه حاضره، والذي يعاني من الإنفصام يتشكل لديه أنا أول وأنا ثاني. لكن كيف ننظر لأنفسنا على أننا شخص واحد في كل فترات عمرنا؟ يجيبنا جول لاشولييه بقولة : “هناك شيئين يجعلاننا نحس بهويتنا أمام أنفسنا وهما دوام نفس الطبع والذاكرة، فوحدة الطبع تجعلنا نقوم بنفس رد الفعل وتطبع حالاتنا النفسية الداخلية بطابع شخصي. أما الذاكرة فهي التي تمسح بامتداد وعينا إلى الماضي. ليستنتج لاشولييه بأن هويتنا الشخصية ليست معطى أوليا، وإنما صدى لإدراكاتنا الماضية في إدراكاتنا الحاضرة.
استنتاج محوري
لعل ابرز ما يمكن استنتاجه بعد تحليل إشكال الشخص والهوية، هو أن هوية الشخص يمكن أن يظر إليها إلا على أن لها اساس ثابتا وهو الفكر المجرد، وهذا الموقف يجعل من أساس الهوبة أساسا ثابتا، وجوهرا للذات. ويمكن أن ينظر إليها عكس ذلك حيث تتأسس على الفكر ليس بما هو فكر مجرد وإنما بما هو شعور، يسمح للذات بإدراك ذاتها بأنها هي نفسها رغم اختلاف الأزمنة والأمكنة. غير أن الموقفين لم يشفيا الغليل بالنسبة لمجموعة من الفلاسفة، حيث سينتقد الموقف القائل بكون الهوية تتأسس على ما هو ثابت، ليرى منتقدوا هذا الموقف بأن وحدة الطبع والذاكرة هما أساس وعي الذات لذاته.
هل حافظ المجنون على هويته؟
دروس أخرى في مفهوم الشخص: |